بغير إذن الموكل، وأما بإذنه فإن قال وكّل لك انعزل الثاني بعزل الأول، وإن قال وكل لي فلا ينعزل الثاني بعزل الأول إذ كلاهما إذا وكيل للموكل. اهـ.
وفي رضاه إن تعدى به تأويلان مبتدأ وخبره المجرور بفي، قال الخرشي: يعني أن الشخص إذا وكل آخر على أن يسلم قدر كذا في طعام أو غيره ودفع له رأس المال وغاب عليه وكان مما لا يعرف بعينه أو مما يعرف بعينه وفات فتعدى هذا الوكيل ووكل غيره على فعل ذلك الموكل عليه ففعله الوكيل الثاني واطلع على ذلك قبل قبض المسلم فيه، فهل يجوز للموكل الأول الرضى بما فعله وكيل وكيله؟ أو ليس له الرضى به لأنه بتعديه يصير الثمن على الوكيل دينا، ففسخه في شيء لا يتعجله الآن وهو سلم الوكيل الثاني فهو فسخ دين في دين، إلا أن يكون السلم قد حل وقبض فإنه يجوز للسلامة من الدين بالدين، فعلم مما قررنا أن محل التأويلين حيث كان التعدي في سلم ودفع الثمن وغاب عليه؛ وكان مما لا يعرف بعينه ولم يحصل قبض من الوكيل قبل الاطلاع، فإن كان الثمن قائما أو مما يعرف بعينه أو حصل قبض من الوكيل قبل الاطلاع فإنه يجوز باتفاق، ووجه التأويل بالجواز في موضوع المؤلف أن المخالفة لم تقع فيما أمره به الموكل، وإنما وقعت في التعدي في الوكالة، ووجه مقابله أن المخالفة الواقعة في وقوع السلم من غير الوكيل بمنزلة المخالفة الواقعة في السلم فيه. اهـ.
قوله: قد حل وقبض، الظاهر الاقتصار على قبض فيقول إلا أن يكون السلم قد قبض. قاله مقيده عفا اللَّه تعالى عنه. وقوله: "تأويلان" الأول عزاه في التوضيح لبعضهم، والثاني لابن يونس. قاله البناني. وقال الرهوني: وفي رضاه إن تعدى به تأويلان أي وقولان أيضا، قال في التوضيح ما نصه: واختلف في قوله في الكتاب لم يجز فحمله بعضهم على أن للآمر فسخه وإجازته، وحمله ابن يونس على أن المعنى لم يجز رضى الآمر بما يفعل وكيل وكيله؛ إذ بتعديه صار الثمن عليه دينا للآمر فلا يفسخه في سلم الوكيل الثاني إلا أن يكون قد حل قبضه فيجوز لسلامته من الدين، وروى ابن القاسم عن مالك في الواضحة: للموكل الخيار كالتأويل الأول.
ابن حبيب: وأنكر ذلك أصبغ ومن لقينا من أصحاب مالك. اهـ منه بلفظه. وقول ابن يونس: إلا أن يكون قد حل قبضه قد سلمه التوضيح وهو شاهد لما تقدم للزرقاني عند قوله: "والرضى بمخالفة في سلم" لخ وهذا كلامه الموعود به هناك ولكن فيه نظر وإن سلمه جسوس أيضا، والصواب ما في