الراجح أن الفوات في مخالفة الوكيل إنما يحصل بذهاب عين السلعة الموكَّل على بيعها لا بغيره من حوالة سوق أو بيع أو هبة أو عتق أو تغير بدن أو غير ذلك. واللَّه تعالى أعلم.
إن لم يلتزم الوكيل الزائد شرط في قوله: فيخير موكله؛ يعني أن محل تخيير الموكل، فيما إذا باع الوكيل بأقل مما سمى له الموكل وفيما إذا اشترى بأكثر كثيرا إنما هو حيث لم يلتزم الوكيل له الزائد، وأما إن التزمه له فلا خيار له بل يلزمه العقد المذكور، قال الحطاب عند قوله "إن لم يلتزم الوكيل الزائد على الأحسن" ما نصه: هذا راجع إلى مسألة المخالفة في البيع والشراء كما تقدم، لكن معناد مختلف بالنسبة إلى المسألتين، فمعناه في مسألة الشراء ما زاد على الثمن الذي سمي له، وفي مسألة البيع الزائد على الثمن الذي باع به. واللَّه سبحانه أعلم. انتهى. وما مشى عليه المص هو أحد قولين ذكرهما ابن الحاجب وغيره، ومقابل المص أنه لا يمضي على الموكل ولو التزم الوكيل الزائد. قال ابن عبد السلام: فمن أمضى فعل الوكيل لاحظ حصول مقصد الموكل، ومن لم يمضه لاحظ عداء الوكيل والأقرب هو الأول. اهـ.
وإلى اختيار ابن عبد السلام أشار المص بقوله: على الأحسن أي وأما إن التزم الوكيل الزائد فإن ذلك يمضي على الموكل على القول الأحسن، وعلم مما قررت أن قوله: "على الأحسن" راجع لمفهوم الشرط، قال عبد الباقي مفسرا للمص: وحيث قلنا للموكل الخيار عند المخالفة في بيع أو شراء، فإنما يكون ذلك إن لم يلتزم الوكيل وأولى المشتري الزائد على الثمن الذي سمى له في مسألة الشراء، وعلى ما باع به في مسألة البيع فإن التزمه سقط خيار الموكل ولزمه العقد على الأحسن، وانظر هل التزام أجنبي كذلك أم لا؟ لأن فيه منة بخلاف الوكيل؛ لأنه لما تعدى فكأن ما يلتزمه لازم له. انتهى. والظاهر من مسألة المشتري عدم اللزوم أو أنه -أي عدم اللزوم- هو الراجح. واللَّه تعالى أعلم.
قال مقيده عفا اللَّه تعالى عنه: وقوله وأولى المشتري الراجح من جهة النقل عدم اللزوم، وقد ذكر الحطاب في ذلك قولين ولم يعزهما ولا رجح واحدا منهما، وقال ابن عرفة ما نصه: وفي إلزام رضي المشتري بغرم الزائد نقلا اللخمي، ثم قال: وعزا الشيخ في النوادر الأول لأشهب والثاني لابن القاسم، وإياه استحب محمد ومثله في تهذيب الطالب، قال: