الثاني: قال عبد الباقي عند قوله "وصدق في دفعهما" للموكل، قال البناني: هذا مبني على رجوع الاستثناء للبيع والشراء معا وقد تقدم أنه خلاف قول الأكثر وخلاف ما قرر به هو.
الثالث: قال عبد الباقي عند قوله "وصدق في دفعهما وإن سلم ما لم يطل" ما نصه: وإذا صدقه الموكل في دفعهما وطال الزمن وادعى الموكل دفعهما للوكيل، فانظر هل يجري ذلك على حكم من ادعى دفع دين عليه لربه فيجري فيه الخلاف المذكور في ذلك أو يجري على مسألة المكتري إذا ادعى دفع الأجرة كما سيأتي في قوله: "وله وللجمال بيمين في عدم قبض الأجرة وإن بلغا الغاية إلا لطول فلمكتريه بيمين" اهـ قوله: فانظر هل يجري ذلك لخ، قال البناني: الظاهر الأول فيحمل على مسألة الدين دون الكراء؛ لأن الدرهمين دفعهما الوكيل سلفا فهما بالدين أشبه ولا وجه للتوقف في ذلك. واللَّه أعلم. اهـ. وهذا الذي قاله البناني ظاهر. واللَّه تعالى أعلم.
الرابع: في ذكره المص من اعتبار اليسير في الشراء ظاهره سواء كانت السلعة معينة أم لا وهو كذلك. قاله الحطاب.
ولما قدم أن الوكيل إذا خالف يثبت لموكله الخيار في الرد والإمضاء، ذكر أنه إذا رد لا يرد البيع فقال: وحيث خالف في اشتراء لزمه يعني أن الوكيل على الشراء إذا خالف مخالفة توجب للموكل الخيار؛ كأن زاد كثيرا في اشترائه أو اشترى غير لائق أو غير ما عين له بلفظ أو قرينة أو عرف أو نحو ذلك، فإن الوكيل يلزمه السلعة التي اشتراها بشرط أشار له بقوله: إن لم يرضه موكله أي أن محل لزوم المشتري للوكيل إنما هو حيث لم يرض به الموكل، وأما إذا رضي به فإنه يكون للموكل، والضمير المستتر في "خالف" للوكيل، وفي "لزمه" للشيء المشتري والبارز فيه للوكيل، والبارز في "يرضه" للشيء المشتري.
تنبيهات: الأول: قال الحطاب عند قول المص "وحيث خالف في اشتراء لزمه إن لم يرضه موكله" في نصه: تضمن هذا الكلام مسألتين: إحداهما يخير في الرضى بالشيء المشتري وعدم الرضى به وهذه تقدمت، والثانية أنه إذا لم يرض به الموكل فإنه يلزم الوكيل وهذه من هنا استفيدت، وأتى المؤلف بهذا الكلام لأجلها. واللَّه تعالى أعلم.