وقال المواق: الموطأ: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: (لا يمنع أحدكم جاره خشبه لغرز في جداره) (?). وروى ابن وهب: خشبة بلفظ الوحدة، وفي رواية: لما حدثهم أبو هريرة نكسوا رءوسهم، فقال أبو هريرة: مالي أراكم معرضين؟ أما واللَّه لأرمين بها بين أكتافكم، والصواب بالتاء، ورويَ بالنون أكنافكم، ذهب مالك إلى أن هذا ندب لقوله عليه السلام: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس) (?) منه، وقال الشافعي وأحمد بن حنبل وداوود وأبو ثور وجماعة: ذلك على الوجوب إذا لم يكن في ذلك مضرة على صاحب الجدار، ومن حجتهم قول أبي هريرة: واللَّه لأرمين بها بين أكتافكم وأبو هريرة أعلم بمعنى ما سمع، وما كان ليوجب عليهم غير واجب, ومن حجتهم أيضا قالوا: هذا من قضاء رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بالمرفق، وأما قوله عليه الصلاة والسلام: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس) (?) إنما هو على التمليك والاستهلاك وليس المرفق ذلك، وكيف يكون منه والنبي صلى اللَّه عليه وسلم فرق بين ذلك فأوجب أحدهما ومنع من الآخر؟ واحتجوا أيضا بأن عمر بن الخطاب رضي اللَّه تعالى عنه قضى بذلك، وقال لابن مسلمة: واللَّه ليمرن ولو على بطنك، وقال له: لِمَ تمنع أخاك ما ينفعه ولا يضرك فلو لم يكن ذلك واجبا عند عمر ما جبره على ذلك، وكذلك قضى لابن عوف على ابن زيد.
ومما احتج [به] (?) من ذهب مذهب الشافعي أن غلاما استشهد يوم أحد فجعلت أمه تمسح التراب عن وجهه، وتقول: أبشر هنيئا لك الجنة، فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: (وما يدريها لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه ويمنع ما لا يضره) (?)، وهذا حديث ليس بالقوي. انتهى المراد منه.
وله أن يرجع يعني أنه إذا أعار شخص لشخص جداره ليغرز فيه خشبة فإن له أن يرجع عن ذلك، وهذا إذا لم يتكلف في ذلك نفقة كمسألة ما إذا أعار شخص لشخص عرصة ليبني فيها أو يغرس، فإن له أن يرجع فيها قبل انقضاء المدة المعتادة، وأما إن أنفق في مسألة الجدار فيجري في ذلك ما جرى في العرصة حيث أنفق، فإنما يرجع بشرط أشار إليه بقوله: وفيها أي المدونة أي