ثم نقل عنه عن المنتخب عن ابن القاسم أن من له دار في جوف دار وممر الداخلة على الخارجة، فأراد أهل الخارجة أن يحولوا باب دارهم إلى غير الموضع الذي كان فيه أنهم إن أرادوا أن يحولوه إلى موضع قريب لا ضرر فيه فلهم ذلك وإلا فلا، قال: وهذه المسألة في المدونة. انتهى. قال الرهوني: ولم يعارض بين هذا وما ذكره قبله، وجلب الرهوني كلام المدونة ثم قال: إنه معارض لما قبلها وإن كان هذا لقوم معينين، وفي الدار: فإنه لا فرق إلى أن قال وفي طرر ابن عات ما نصه: من الكافي لابن عبد البر: إذا كان لرجل طريق في أرض جاره إلى ماله، فأراد صاحب الأرض أن يحول ذلك الطريق إلى موضع آخر من تلك الأرض ويغرس موضع الطريق، فليس له ذلك إلا أن يأذن الذي له الممر، وسواء كان عليه ضرر في ذلك أو لم يكن إلا أن يكون بين الممرين نحو الذراع مما لا مضرة فيه على المار إلى ماله، فلا يمنع صاحب الأرض من ذلك ولا إثم فيه إن شاء اللَّه تعالى. ذكر ذلك كله ابن عبد الحكم عن مالك. انتهى.
فهذا نص في الأرض موافق لما في المدونة والمنتخب في الدار مع زيادة هذا تحديد القرب، ونقل نحو هذا عن المنتقى ثم قال: فالظاهر تقييد محل الخلاف الذي ذكره الحطاب بما زاد على هذا القدر من القرب، ولم أدر ما وجه ما نقله الحطاب رضي اللَّه عنه من عدم التنبيه على المعارضة بينهما مع إغفاله ما في المنتقى والطرر. واللَّه الموفق بمنه. انتهى.
الثالث: قال الرهوني: من له طريق في أرض غير يمر عليه بعد أن يحرثه، ثم أراد بناءه وأرادوا منعه محتجين بأن سكناه أشد ضررا من الحرث لم يكن لهم ذلك، ولكن يمنع من الضرر بهم ولا يستحق عليهم من الطريق إلا ما كان يستحقه قبل، ففي المعيار ناقلا عن كتاب البنيان والأشجار لابن حبيب عن أصبغ ما نصه: قلت فإن اختلفوا في هذا الممر فقال لهم المتوسط: اتركوا لي ممرا واسعا يحملني وماشيتي وجميع حوائجي وأبى القوم، فقال: يحكم له عليهم بمثل الممر الذي كان له في أرضهم من قبل البنيان منهم، ومنه على حال ما كان يختلف إليها بماشيته، وإن لم يكن يختلف إليها قبل بماشية لم يكن عليهم أن يتركوا له ممر ماشيته، وكذلك إذا أراد هو البنيان وحده ولم يريدوا بنيان أرضهم وتركوها للحرث والزرع كما كانت فاحتاج من المنافع في دخوله في