؛ يعني أن الجار لا يمنعه جاره من إحداث ما لا يضر به ضررا قويا، كصوت الكمد وأدخلت الكاف في المص الحداد والنجار، وظاهره ولو اشتد ودام وفي المواق خلافه، وهذا ما لم يضر بالجدار، ودخل بالكاف أيضا صوت صبيان بمكتب بأمر معلمهم. قاله عبد الباقي. قال الرهوني: الذي في المواق حكاية الخلاف في ذلك فقط، والكمد قال في القاموس: دق الثوب وفسروه في الرابحة بأنه دق القصار الثوب للتحسين، والقصار كشداد ومحدث محور الثياب أي مبيضها وحرفته القصارة والقصر تبييض الثياب، قال الرهوني: وقد اختار أبو علي التفصيل، فقال بعد أنقال ما نصه: وقد تبين من هذا كله أن الصوت إذا كان قويا مستداما في الليل يمنع على ما يظهر رجحانه من النقول المتقدمة يظهر ذلك بالتأمل والإنصاف مع تلفيق بعض الأنقال إلى بعض، كتلفيق تقييد الباجي مع قول أصبغ بن سعيد مع ما في المجالس وما نقلوه عن ابن عتاب، وفي ذلك كفاية لمن أنصف مع ظهور هذا الضرر نعم، قال ابن ناجي على المدونة: بلغو ضرر الأصوات جرى العمل عندنا، ولغوها مطلقا هو الذي في المتن. اهـ منه بلفظه.
بل الراجح هو ما في المتن بدليل ما في المعيار وما في ابن عرفة في إحياء الموات وكلام غيرهما، ففي المعيار من كلام ابن زرب ما نصه: وروي عن مالك رحمه اللَّه في الضراب للحديد: يكون جار الرجل ملاصقا به فيعمل الليل كله والنهار يضرب الحديد فيتأذى بذلك جاره ولا يجد راحة من كيره وضَرْيهِ ويرفع ذلك إلى السلطان، فقال مالك: لا يمنع من ذلك إنما هذا رجل يعمل في بيته وليس هذا يراد به الضرر فليس يمنع أحد من العمل في بيته، وإنما هو عمل يده وعيشه الذي يعيش به رواه مطرف عن مالك، فهذا ما أقول به واللَّه يحملك على الصواب. انتهى.
ثم جلب الرهوني على ما قال فيه كفاية، ثم قال: مما تقدم كله أن ما أفاده كلام المص هو المنصوص للأقدمين فهو الذي حكاه ابن حبيب ورواه مطرف عن الإمام مالك، وحكى عليه ابن دحون الاتفاق وسلمه ابن رشد في رسم المكاتب من سماع يحيى من الأقضية، وقال في رسم الأقضية الثاني: إن فيه خلافا شاذا، وأقامه أبو الفضل عياض من كتاب القسمة من المدونة، وعزاه لأكثر الشيوخ وسلم له ذلك المحققون، وأخذه ابن عبد الغفور وابن الفخار من مسألة كتاب الدور والأرضين من المدونة، واستحسن ابن عرفة أخذهما منها وبه أفتى ابن زرب وعبد الرحمن بن مخلد