يقضى لهم بحقوقهم فيما يستقبل لا فيما مضى، فكيف بالطريق التي ليست موضوعة للغلة وقد باء في ذلك بالإثم، فإن ندم على فعله واستغفر اللَّه منه وتاب إليه من ذلك بقيت عليه التباعة لمن منعه المرور على الطريق التي اقتطعها وأدخلها في جنانه، يقضى له بها يوم القيامة من حسناته فيستحب له أن يتصدق بفعل الخير رجاء أن يكون كفارة له، ولا تبطل شهادة الشاهد في الطريق بترك القيام بشهادته فيه مدة هذا الذي أختاره مما قيل في ذلك؛ إذ قد يكون له في ترك القيام بشهادته إذا لم يدع إليها عذر أو تأويل يعذر به. وباللَّه تعالى التوفيق. ونقله في المعيار أيضا بعد جواب ابن أبي الدنيا فتحصل أنهما قولان. قاله الرهوني. وقال: ظاهر جواب ابن أبي الدنيا أو صريحه أن الثمرة نفسها هي التي تصرف للفقراء ولا وجه له، إذ لا يكون هذا الغارس أشد ممن غصب أرضا من معين فبنى فيها أو غرس التي أشار لها المص فيما يأتي في الغصب، بقوله: "وكراء أرض بنيت". فتأمله واللَّه أعلم. انتهى.
وبجلوس باعة بأفنية الدور للبيع إن خف يعني أنه يقضى للباعة بالجلوس في أفنية الدور لأجل البيع إذا كان ذلك شيئا خفيفا, وإلا فلا يجوز فضلا عن أن يقضى به، قال أصبغ؛ إنما يباح الجلوس ما لم يضيقوا الطريق أو يمنعوا المارة أو يضروا بالناس، واحترز بقوله: "للبيع" من جلوس الباعة للتحدث ونحوه فإنهم يقامون، وضمير "إن خف" يصح عوده على البيع أو الجلوس، وسواء كان من واحد أو متعدد، فمن حصل بجلوسه الضرر فإنه يقام وإن لم يكن، إنما حصل الضرر بانضمام جلوسه لجلوس من قبله، ولا يراعى كل واحد بانفراده لأن العلة الضرر وقد وجد ولو بالانضمام. قاله الخرشي. وقال عبد الباقي: وبجلوس باعة بأفنية الدور وهي ما فضل عن المارة من طريق واسعة نافذة، قال ابن عرفة: كان بين يدي بابها أم لا لا ضيقة أو غير نافذة إذ لا فناء حينئذ للدور للبيع لا للتحدث إن خف أي البيع أو الجلوس، فإن لم يخِفَّ كجلوسهم النهار كله أو غالبه ككير الحداد ونحوه لم يجز فضلا عن أن يقضى به، قال أصبغ: إنما يباح الجلوس ما لم يضيقوا الطريق أو يمنعوا المارة ويضروا بالناس. اهـ.
قال أحمد: وقع السؤال لبعض شيوخنا عما إذا كانت العادة في السوق أن يجلس شخص في الأفنية، ثم بمجرد ذهابه يأتي آخر وهكذا إلى انقضاء النهار، فهل لأرباب الدور المنع؟ فأجاب بأنه لا منع لهم لأن هذه العادة قد تتخلف، وإذا ذهب الجالس قد لا يأتي غيره. اهـ. وقد يبحث