وأما من اشترى من الوجيه فينبغي أنه إن كانت السلعة قائمة خير على مقتضى الغش، وإن فاتت ففيها الأقل من الثمن أو القيمة. انتهى. انتهى.
وكذي رحى وذي بيت وذي دابة ليعملوا إن لم يتساو الكراء وتساووا في الغلة قوله: "وكذي رحى" قال الرهوني: الظاهر أنه معطوف على قوله: "ككثير الآلة" بتقدير مضاف أي وكشركة ذي رحى لخ، والمعنى كفساد شركة اشترط فيها إلغاء كثير الآلة وشركة ذي رحى لخ. انتهى. ومعنى كلام المص أنه إذا اشترك ثلاثة في العمل فأتى أحدهما برحى، وأتى الثاني ببيت توضع فيه تلك الرحى، وأتى الثالث بدابة تدور في ذلك البيت بالرحا، فإن الشركة تكون فاسدة إذا لم يتساووا في كراء تلك الثلاثة، وعملوا بأيديهم على أن ما حصل من الغلة أي ما نالوا من الأجرة في مقابلة الطحن يقسم بينهم أثلاثا، ومفهوم الشرط أعني قوله: إن لم يتساو الكراء أنه إذا تساوى الكراء وما حصل يقسم بينهم أثلاثا جازت الشركة وهو كذلك، ومفهوم قوله: "وتساووا في الغلة" أنهم لو دخلوا على أن كل واحد يأخذ من الغلة على قدر ماله لجازت الشركة وهو كذلك.
وعلم مما قررت أن قوله: "وتساووا في الغلة" من جملة ما دخلا عليه فهو بيان لفرض المسألة والحكم بعد الوقوع كذلك أيضا، فإذا وقعت الشركة على الوجه المذكور فسدت والحكم فيها أنهم يتساوون في الغلة فيقسم ما حصل بينهم أثلاثا، فإذا عرفت هذا عرفت أن قوله: "وتساووا في الغلة" يحتمل أنه بيان لموضوع المسألة وهو المظاهر، ويحتمل أنه بيان للحكم بعد الوقوع وكلا المعنيين صحيح، والأولى أن يكون شاملا للمعنيين إن كان ذلك يصح في العربية. واللَّه تعالى أعلم.
والأول فسر به غير واحد، والثاني فسر به الشارح فإنه جعل قوله: "وتساووا في الغلة" تقريرا لحكم المسألة بعد الوقوع كما بعده من قوله: وترادوا الأكرية يعني أنه إذا وقعت الشركة على هذا الوجه الفاسد فإنهم يترادون الأكرية، ومعنى ذلك أنه يرجع من له فضل عمل على صاحبه، فإن حضروا كلهم وهم أملياء وكان كراء البيت ثلاثة وكراء الدابة درهمين وكراء الرحى درهما، دفع صاحب الرحى لصاحب البيت درهما لأن جميع الكراء ستة فصاحب الدابة كراؤه درهمان فلا شيء له ولا عليه، وقد علمت أنهم يتساوون فيما أخذ في مقابلة الطحن بأن يقسم بينهم أثلاثا ورجوع بعضهم على بعض إنما هو بالنسبة لما تكرى به أمتعتهم. هذا توضيح هذه المسألة.