فمعنى كلام المصنف أن قوله في المدونة: "لم يستحق وارثه بقيته" يريد الأنيال التي لم تبد، وأما النيل الذي بدا أو عمل فيه وقارب البدو فلورثته. فتأمله. واللَّه أعلم. انتهى كلام الحطاب.
وتبعه على ذلك غير واحد من المحققين، منهم مصطفى، ونسب الشارح التقييد لغير القابسي، وفي الرهوني بعد كلام طويل ما نصه: وحاصله أن الشيخين أبا محمد والقابسي اتفقا على أن معنى قولها: فأدركا نيلا كان بينهما أنهما أدركاه بإخراجه ونقله، واختلفا في معنى قولها: فمن مات منهما بعد إدراكه النيل لخ، ففهمه أبو محمد على أن معنى قوله: لا يورث هو جواب عما أدركه بما ذكر وزاد ولو اقتسماه، ولكنه جعل قول ابن القاسم مشكلا وتبعه التونسي، وفهمه أبو الحسن القابسي على أن معناه أنه لا يورث التمادي على العمل في المعدن، ولم يجب بنفي الإرث عما أدركاه بإخراجه ونقله فلا إشكال إذا عنده في جواب ابن القاسم، وأجاب الوانوغي بما لا نطيل به وقد رده الرهوني ردا واضحا بينا، فقال: إن قوله ما استخرجه منه وحازه وحصله لا يملكه بذلك فلا يباع ولا يورث غير مسلم بل يملكه ويجوز له بيعه بعد التصفية وينتفع به بشرائه به ما يحتاج إليه من مطعوم ومشروب وملبوس ومركوب وغير ذلك، ويستبيح به الفروج المحرمة فيصدقه لامرأة يتزوجها ويشتري به جارية يتسراها وغير ذلك، وهذا كله من ثمرة الملك ومما يدل على أنه يتملكه وجوب الزكاة عليه فيه ولا خلاف في ذلك ولما في أنه لا يشترط فيه مرور الحول، وقد قال المص في الزكاة "وفي تعلق الوجوب بإخراجه أو تصفيته تردد" ولو كان الأمر كما قال الوانوغي لم يكن في إقطاع المعدن انتفاع بل مشقة وتعب؛ لأنه إذا كان هو ممنوعا من بيعه لم يتأت له انتفاع به إلا بجعله حليا لنسائه. انتهى.
تنبيه: قول المص: "ومعدن" ظاهر كلام غير واحد أن معناه أنهما جعل لهما الإمام الإمتاع بالمعدن، فإذا أخرجا نيلا استحق وارث من مات منهما ذلك النيل ولا يستحق التمادي على العمل في المعدن بعد ذلك النيل، وكلامهم كالصريح في ذلك ويدل عليه قوله: "وأقطعه الإمام"، وفي الخرشي ما نصه وإن مات بعد أن أخرج بعضه فهل يستحق الوارث بقية العمل إلى أن يفرغ النيل وإن أخرج الموروث منه ما يقابل عمله أو يزيد عليه وهو الظاهر أو لا يستحق الوارث بقية العمل، وإن كان ما أخذه منه موروثه يقابل عمله لم يستحق الوارث بقية العمل، وإلا استحق قدر ما