واعلم أن الراجح في المسألتين هو الجواز، وعلم مما مر أنهما إذا اشتركا في ملك أو كراء من أجنبي يتفق على الجواز، وأن محل الخلاف فيما إذا أخرج كل آلة من عند نفسه من دون إجارة أو آجر كل منهما نصف آلته بنصف آلة الآخر. واللَّه تعالى أعلم.
ومثل شركة العمل بقوله: كطبيبين اتحد طبهما نحو كحالين أو جراحين أو تلازم وإلا لم يجز، والقيد المذكور يشعر به المص حيث جعل ذلك مثالا لمستوفي الشروط اشتركا في الدواء, قال عبد الباقي: أي على التفصيل السابق وفاقا وخلافا, ولا يقال حيث اشتركا في الدواء فهي شركة مال لا أبدان؛ لأنا نقول: الدواء تابع غير مقصود والمقصود التطبب. انتهى.
وصائدين في البازين مثلا أو باز وكلب، وهل محل الجواز إن اتفق مصيدهما ومكانهما واشتركا في ملك ذاتهما؟ ولا يكفي اشتراكهما في ملك منفعتهما وإن اجتمعا في هذه الثلاث اتفق على الجواز أو الجواز ثابت، وإن افترقا بأن اختلف مصيدهما اشتركا في ملك ذاتهما أم لا واتحد طلبهما في ذلك قولان، رويت نقلت المدونة عليهما أي على هذين القولين، وعلم مما قررت أن الصور ثلاث: واحدة متفق على جوازها وهي أن يتفق مصيدهما ويشتركا في ملك ذاتيهما، واثنتان مختلف فيهما بين الجواز والمنع وهما أن يختلف مصيدهما وهما مجتمعان في ملكهما، أو يتفق مصيدهما ويختلفان في الملك ولو قال المص: وهل إن اتفقا في الملك والطلب أو أحدهما كاف لطابق النقل. وبقيت صورة ممنوعة اتفاقا وهي ما إذا لم يشتركا في ملك الذات ولم يتحد الطلب بأن كان مصيد أحدهما الطير والآخر الوحش كالغزال لأنه يشترط في شركة العمل الاتحاد أو التلازم كما قدمه قبل. المواق من المدونة: من استأجر نصف دابة رجل ثم اشتركا في العمل عليها جاز وإن اشتركا ليحتطبا أو يجمعا ثمار البرِّيّة ونقلها على رقابهما أو دوابهما، فأما من موضع واحد فجائز ولا يجوز إن افترقا، ولا بأس أن يشتركا في صيد السمك والطير والوحش بنصف الشرك والشباك إذا عملا جميعا لا يفترقان في التعاون بالنصف، ولا يجوز أن يشتركا على أن يصيدا ببازيهما أو كلبيهما إلا أن يملكا رقابهما أو يكون الكلبان والبازان طلبهما واحدا لا يفترقان فجائز، وروى ابن المواز عن ابن القاسم أنه لا يجوز حتى يكون البازان والكلبان بينهما. انتهى نقل ابن يونس.