تنبيه

تنبيه: انظر إذا اتفق تجار شيء على أن كل من اشترى منهم شيئا مما يتجرون فيه فهو بينهم، وإن لم يحضروا حين شرائه هل يلزمهم ذلك ويدخل الغائب منهم حين الشراء أو لا، ولم أقف على نص بعد البحث عنه، وقد وقعت هذه النازلة وادعى المشتري أنه إنما اشترى لنفسه فسئلت عنها فأفتيت (?) بأنه لا شيء لمن لم يحضر لفقد شرط الجبر، ولأن ما التزموه ليس بلازم لهم لأنه التزام لشيء غير معين ولا محدود، ولأنه في الحقيقة إجارة فاسدة لاشتمالها على جهالة وغرر كما لا يخفى، أما الإجارة فإن كل واحد منهم واجر غيره ليشتري له بشرائه هو له، وأما الجهالة فظاهرة لأن المواجر عليه لا يدرى أقليل هو أم كثير، وأما الغرر فلأنه إذا اشترى أحدهم شيئا أولا فقد لا يجد غيره ذلك الشيء مرة أخرى، وإن وجده فقد لا يكون مساويا لما اشتراه الأول، وعلى تقدير وجوده فقد لا يتأتى له شراؤه لمرض أو غيبة أو سجن ونحو ذلك حتى يموت فيذهب عمل الآخر باطلا، وقد اشتهر الخلاف في مسألة من وكل على شراء سلعة معينة فاشتراها لنفسه وفرضهم الخلاف في سلعة معينة يدل على أن مسألتنا محل اتفاق على أنها لمن اشتراها ولا حق فيها للغائب.

والخلاف الذي أشار إليه في مسألة سلعة معينة ذكره ابن رشد، فإنه قال في شرح المسألة الخامسة من رسم الرطب باليابس من سماع ابن القاسم من كتاب الشركة: وقد اختلف فيمن أمر رجلا أن يشتري له سلعة بعينها فاشتراها لنفسه على أربعة أقوال، أحدها: أن القول قول المأمور وإن دفع إليه الثمن بعد أن يحلف أنه إنما اشتراها لنفسه إن اتهم في ذلك وهي رواية محمد بن يحيى والسباءي عن مالك، والثاني أن السلعة للآمر وإن لم يدفع إليه الثمن وهي رواية عيسى عن ابن القاسم في المدنية, وقول أصبغ وروايته عن ابن القاسم في الثمانية، قال: وسواء أشهد المأمور أنه إنما يشتريها لنفسه أو لم يشهد لا ينتفع المأمور بإشهاده بذلك على نفسه في مغيب الآمر حتى يرجع إليه فيبرأ من وعده بالشراء له، والقول الثالث أن السلعة للآمر إلا أن يكون المأمور قد أشهد قبل الشراء أنه إنما يشتريها لنفسه، والقول الرابع الفرق بين أن يكون قد دفع إليه الثمن أو لم يدفعه إليه، وإنما أمره أن يشتريها له بماله فوعده بذلك. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015