ليرتب عليه قوله: إلا أن يقول واحبسها يعني أن محل كون المأمور ليس له حبس السلعة عن الآمر الذي نقد (?) إنما هو إذا لم يقل له اشترها بيني وبينك وانقد عني حصتي من الثمن واحبسها عندك حتى أوفيك ما نقدت عني، وأما إن قال ذلك فللمأمور حبسها عن الآمر حتى يعطيه ما نقد عنه، وإذا حبسها المأمور فتكون السلعة كالرهن يفرق فيه بين ما يغاب عليه فيضمنه إلا أن يقيم بينة على ما ادعاه من تلف أو ضياع، وبين ما لا يغاب عليه فالقول قوله بيمين -أي فلا ضمان عليه- إلا أن يظهر كذبه، قال عبد الباقي: وله حبسها إذا كان الآمر ممن يخشى لدده، وكذا إذا وقع الشراء على أن ينقد الآمر وتطوع المأمور بالنقد. انتهى رد التاودي الأول ورد الرهوني الثاني بما يعلم بالوقوف عليه. واللَّه تعالى أعلم.
ولما ذكر ما إذا كان المشتري مسلفا ذكر ما إذا كان المسلف غيره، فقال: وإن أسلم غير المشتري جاز يعني أنه إذا قال اشتر هذه السلعة لي ولك وأنا أنقد عنك حصتك من الثمن أو ينقدها عنك فلان الأجنبي فإن ذلك جائز، فالناقد هنا غير المأمور وهو المشتري إذ الناقد في الوجه الأول الآمر وفي الوجه الثاني أجنبي؛ أي ليس هو الآمر ولا المأمور، إلا لكبصيرة المشتري يعني إذا أسلف غير المشتري من آمر أو أجنبي جاز ذلك كما عرفت، ومحل الجواز حيث لم يكن الشريك المشتري ذا بصيرة أي خبرة بالبيع والشراء أو وجاهة، وأما إن كان المشتري ذا بصيغ أو وجاهة فلا يجوز سلف الآمر ولا الأجنبي أي نقدهما عن المأمور المشتري لما في ذلك من السلف بزيادة فالسلف النقد وينتفع الآمر المسلف بتولي المأمور للشراء البصير بالبيع والشراء أو الوجيه، قال عبد الباقي: وإن أسلف غير المشتري من آمر أو أجنبي جاز إلا لكبصيرة المشتري المتسلف ووجاهته، فيمنع أن يشتري لهما شيئا يشتركان فيه للنفع في سلف الآمر، وكذا الأجنبي عند قصد نفع الآمر فقط أو نفعه مع المأمور، فيفسد لأنه سلف جر نفعا، ومعنى عدم الجواز إذا كان السلف من غير الآمر مع أن النفع ليس للمسلف أنه محمول على ما إذا كان الشريك صديقا للمسلف حتى يكون النفع للشريك نفعا له. انتهى.