واعلم أن كون المص أطلق الأجر على حقيقته ومجازه متعين بقرينة قوله: "ولكل" المفيد للجانبين إذ حقيقة الأجر إنما تكون من جانب واحد واللَّه تعالى أعلم. انظر البناني. وقوله: "ولكل" رد به القول بأنه لا أجر لصاحب الثلث في الزيادة، وتفصيل اللخمي قال: إن خسر فلا شيء له وإن ربح فله الأقل من أجرة المثل، وما ينوب ذلك الجزء من الربح. انظر الشارح. ويأتي عن الرهوني ما يفيد أن هذا فيما بعد العقد.
وله التبرع هذا مفهوم قوله: "بشرط التفاوت" يعني أنه يجوز لكل واحد من الشريكين أن يتبرع لصاحبه بشيء من الربح أو العمل بعد العقد، وأما التبرع لأجنبي فقد قدمه بقوله: "ويتبرع إن استألف أو خف". والسلف يعني أنه يجوز لكل واحد من المتفاوضين أن يسلف شريكه الآخر شيئا بعد عقد الشركة، والهبة يعني أنه يجوز لأحد المتفاوضين أن يهب شريكه شيئا بعد عقد الشركة بناء على أن اللاحق للعقود ليس كالواقع فيها، قال الخرشي: وعطف الهبة على التبرع من عطف الخاص على العام، أو يحمل التبرع على أنه في الربح والعمل والهبة في غير ذلك.
ومفهوم قوله: بعد العقد أنه ليس له ذلك قبل العقد، أما في السلف فظاهر وأما في الهبة والتبرع فلأن ذلك كأنه من الربح فيكون قد أخذ أكثر من حقه، وقوله: "وله" الضمير فيه راجع لكل من قوله: "ولكل أجر عمله للآخر"، المواق من المدونة: لو صح عقد المتفاوضين بالمال ثم تطوع الذي له الأقل بعمل في الجميع جاز ولا أجر له، ومن كتاب ابن المواز: قال مالك: إن شاركه وأسلفه نصف المال، فإن كان طلب رفقه وصلته لا لحاجة إليه ولا لقوة بصره فذلك جائز، ثم روى عنه ابن القاسم أنه رجع فكرهه، وبالأول أخذ ابن القاسم، فمقتضاه أن مالكا صدقه مرة ومرة اتهمه، وأما فيما بينه وبين اللَّه فذلك جائز إذا قصد الرفق به. انتهى.
وقال عبد الباقي: وله أي لكل واحد منهما التبرع لشريكه بشيء من الربح أو العمل، فهذا مفهوم قوله: "بشرط" والسلف والهبة لشريكه بعد العقد لا قبله أو فيه للدخول في التبرع والهبة على التفاوت أو التهمة على ذلك، فكأنه مشترط ولجر النفع في السلف، فإن لم يجر نفعا ولم يكن لكبصيرة المشتري جاز في العقد أيضا، وظاهر قول المص ولو بأثره، قال التتائي: بناء على أن اللاحق للعقود ليس كالواقع فيها. انتهى. قوله: فإن لم يجر نفعا ولم يكن لكبصيرة المشتري لخ،