اختلاف فيه وفي دخولهم معه قولان، المشهور نفيه وعليه فهل لهم أجرة قولان أرجحهما نفيها, ويؤخذ منه نازلة أخرى وهي أن بعضهم يذهب لقراءة القرآن أو العلم أو نحو ذلك ويعملون هم في غيبته فله الدخول معهم بلا خلاف، وفي ثبوت الأجرة عليه القولان. واللَّه أعلم انتهى.
ومستعير دابة يعني أن أحد الشريكين إذا استعار دابة بلا إذن من شريكه لغير الشركة كما لو استعارها ليركبها أو ليحمل عليها غير أمتعة الشركة، بل وإن استعارها لأجل أن يحمل عليها أمتعة الشركة مثلا ثم هلكت الدابة المذكورة، فإن المستعير يستبد بالخسر بأن يكون ضمان الدابة مختصا به.
وعلم مما قررت أن المصنف أجمل في الربح والخسر اتكالا على ذهن السامع اللبيب في رد كل شيء لما يليق به، إذ العارية لا يتصور استبداده بالربح فيها ولذا لم يذكرهما في المدونة فيها، واقتصر على الضمان وذكرهما معا في الوديعة والقراض، واستشكل تفسير الخسر بالتلف لأنها إن تلفت بتعديه فلا فرق بين الإذن وعدمه وإن لم يكن بتعديه وتفريطه فلا ضمان عليه لأنها مما لا يغاب عليه، وأجيب بأنه رفع الأمر إلى قاض يرى ضمان العارية مطلقا فحكم بالضمان. المواق: قال ابن القاسم: وان استعار أحدهما بغير إذن الآخر ما حمل عليه لنفسه أو لمال الشركة فهلك فضمانه من المستعير خاصة؛ لأن شريكه يقول له كنت تستأجر ليلا أضمن، قال القابسي: يضمن المستعير وحده الدابة إن قضى بذلك قاض ممن يرى ذلك وكان القاضي بمصر يومئذ ممن يرى ذلك.
تنبيه: قال البناني: ثم إن فرض المسألة في عارية الدابة تبع فيه المص لفظ التهذيب، واعترض عليه بأنه ليس في الأمهات لفظ الدابة وإنما الذي فيها وإن استعار ما حمل عليه بغير إذن شريكه فهلك فضمانه من المستعير، وعلى هذا اللفظ وقعت التأويلات انظر المواق وغيره. انتهى. وهنا تأويلات ثلاثة: أحدها لأبي محمد قال يريد بالضمان أن يتبين كذبه في الحيوان، ثانيها للقابسي قال: يضمن المستعير وحده الدابة إن قضى بذلك قاض ممن يرى ذلك، وكان القاضي بمصر يومئذ ممن يرى ذلك، ثالثها: لحمديس أن هذا يحمل على ما يغاب عليه مما فوق الدابة كالبردعة والإكاف وشبههما، قال عبد الباقي: ويرد تأويل حمديس أنه ذكر بعد نص المدونة أن الدابة هلكت. انتهى.