المتفاوضين أن يشتري شيئا للشركة بالدين بغير إذن شريكه، قال عبد الباقي: "لا الشراء" بالرفع عطف على أن يبيع باعتبار محله به بغير إذن شريكه فإن فعل خير شريكه بين القبول والرد فيكون الثمن على المشتري خاصة، ولا يشتركان فيما اشترى به فإن كان بإذنه في سلعة معينة جاز فإن لم تعين لم يجز لأنها شركة ذمم، ويختص المشتري بما اشترى ولا يشتركان فيه. اهـ.
واعلم أن المص فرق بين البيع بالدين فأجازه وبين الشراء بالدين فمنعه، قال البناني: قال مصطفى: سوى ابن الحاجب وابن شاس بين البيع والشراء في الجواز، وأما المص فاعتمد في تفريقه بينهما تعقب ابن عبد السلام على ابن الحاجب، بقوله: ما قاله في البيع نسيئة هو المشهور، وأما الشراء بالدين فقال مالك في المدونة: أكره أن يخرجا مالا على أن يتجرا به وبالدين مفاوضة، فإن فعلا فما اشتراه به كل واحد منهما بينهما، وإن جاوز رءوس أموالهما فأين هذا من كلام المؤلف؟ غير أن بعض الشيوخ قال إذا كان الشراء على النقد بعد اليوم واليومين والثلاثة جاز وهذا مما لابد منه. اهـ كلام ابن عبد السلام. فتبعه المص في تعقبه، وفي استدلاله بكلام المدونة نظر ظاهر؛ لأن كلامها فيما إذا تعاقدا على الشراء بالدين كما ترى، وكلام المص ليس في ذلك فبينهما ما بين الضب والنون، وإنما كلامها في شركة الذمم، وبذلك فسرها أبو الحسن. وأشار ابن عبد السلام ببعض الشيوخ إلى اللخمي فإنه قال في تبصرته: ولا يشتري بثمن مؤجل، فإن فعل وكان بغير إذن شريكه فالشريك بالخيار بين القبول والرد، فيكون الثمن على المشتري خاصة، ثم قال: ويجوز لأحد الشريكين أن يشتري ما لا يكون ثمنه معه على النقد بعد اليومين والثلاثة، وهذا مما لابد للناس منه. اهـ. فلو استدلا على تعقبهما بكلام اللخمي كما فعل ابن فرحون لأفادا، والظاهر أن كلام اللخمي ليس هو المذهب ولذلك لم يعرج عليه ابن الحاجب وابن شاس، وقد أقر كلامهما ابن عرفة ولم يرج على تعقب ابن عبد السلام بحال. انتهى كلام مصطفى باختصار.
وما ذكره من أن الجواز هو المذهب كما عند ابن شاس وابن الحاجب صواب؛ إذ هو ظاهر المدونة في قولها: وما ابتاع أحد المتفاوضين من بيع صحيح أو فاسد لزم الآخر ويتبع البائع بالثمن أو القيمة في فوت الفاسد أيهما شاء. انتهى. وهو يشمل الشراء بالنقد وبالدين، وقد صرح ابن رشد بالجواز في رسم البيوع والعيوب من سماع أصبغ، ونص السماع قال أصبغ: سمعت ابن القاسم وقد