فيما تجرا فيه من دون إذن صاحبه، واعلم أنهما إذا قالا اشتركنا ولم يشترطا نفي الاستبداد فهي مفاوضة.
ولا يفسدها انفراد أحدهما بشيء يعني أن الشركة أي شركة المفاوضة لا يفسدها انفراد أحد الشريكين بمال يتصرف فيه لنفسه خاصة من دون إذن صاحبه. والحاصل أنهما إذا اشتركا في جميع ما بأيديهما كانت شركة مفاوضة إن لم يشترطا نفي الاستبداد، فإن كانت المشركة في شيء خاص فعند مالك لا يكونان متفاوضين فيه وعند سحنون يكونان متفاوضين فيه هذا في العتبية، قال ابن رشد: المعنى عندي في هذه المسألة أن مالكا لم ير الرجلين إذا اشتركا في مال مسمى متفاوضين فيما اشتركا فيه إلا أن يشتركا فيه على المفاوضة بخلاف ما إذا اشتركا في جميع أموالهما، قوله: ولا يفسدها انفراد أحدهما بشيء، قال الشارح قيل وهو متفق عليه عندنا. اهـ. وقال الحطاب: قال في التوضيح: ولا يفسدها عندنا وجود مال لأحدهما على حدته خلافا لأبي حنيفة. اهـ. وقوله: "ولا يفسدها انفراد أحدهما بشيء" يعني سواء كان المنفرد به واحدا منهما أو كان كل منهما منفردا به. خلافا لما ادعاه البساطي من أن معناه انفراد كل واحد منهما به وأن النقل كذلك.
قال الحطاب: ظاهره يعني كلام البساطي أنه لابد من انفراد كل واحد بشيء وأن النقل كذلك وهو خلاف ظاهر المدونة أو نصّها، قال فيها: ويكونان متفاوضين ولأحدهما عين أو عرض دون صاحبه ولا يفسد ذلك المفاوضة بينهما انتهى وقال عبد الباقي: ولا يفسدها أي شركة المفاوضة انفراد أحدهما بشيء من المال غير مال الشركة، يعمل فيه لنفسه خاصة إذا استويا في عمل الشركة خلافا لأبي حنيفة في ذلك وللشافعي مطلقا.
وله أن يتبرع إن استألف به يعني أن أحد الشريكين له أن يتبرع بشيء من مال الشركة بشرط أن يكون استيلافا للتجارة ليشتري منه في المستقبل، كان ما تبرع به قليلا أو كثيرا، قال عبد الباقي: وله أي لأحد شريكي المفاوضة وكذا العنان أن يتبرع ولو بكثير بالنسبة لمال الشركة إن استألف. اهـ. قوله: "وكذا العنان" قال الرهوني: في إدخاله شركة العنان نظر لأنه إذا كان أحدهما لا يبيع إلا بإذن شريكه فأحرى أن لا يتبرع. قاله شيخنا الجنوي. وهو ظاهر ودخل في كلام المص تأخيره بالدين ووضعه منه بقيده وقد صرح بذلك في المدونة، ونقل الحطاب هنا كلامها. اهـ.