وبطعامين يعني أن الشركة لا تجوز ولا تصح بطعامين بأن يخرج هذا طعاما ويخرج الآخر طعاما، سواء كانا متفقين في الصفة أم لا، ولهذا قال: ولو متفقا قال الشارح: أي وكذلك لا تجوز الشركة بالطعامين ولو اتفقا أي في الصفة، وهكذا قال مالك في المدونة، ففيها: ولا تجوز الشركة عند مالك بشيء من الطعام والشراب كان مما يكال أو يوزن أو من صنف واحد أو من صنفين، وأجازها ابن القاسم بالطعام المتفق في الصفة من نوع واحد على الكيل. ابن القاسم: ورجع مالك عن إجازتها بالطعامين وإن تكافئا ولم يجزه لنا منذ لقيناه ولا أعلم لكراهيته وجها، بعض الأشياخ: قاس ابن القاسم ذلك على النقدين المتفقين والجامع حصول المناجزة حكما لا حسا، فكما اغتفر ذلك في الذهبين أو الفضتين فكذلك يغتفر في الطعامين، وللأصحاب في الفرق على قول مالك أوجه أولها أن إجازة الطعام في ذلك يؤدي إلى بيعه قبل قبضه؛ لأن كل واحد على ما باع فإذا باع يكون كل منهما بائعا للطعام قبل استيفائه. ذكره عبد الحق، وحكاه ابن يونس عن بعض الأشياخ إلى آخر الأوجه، ويأتي بيان أن فيه بيع الطعام قبل قبضه.
قوله: "وبطعامين" مفهومه أنها بطعام وبغيره جائزة وهو كذلك، واختلف أيضا في الشركة بالطعامين المختلفين فالمشهور وهو مذهب المدونة منعه، ونظم ابن غازي في الفرق بين الطعامين والنقدين على مذهب الإمام مالك ما نصه:
شارك بجنس العين والطعام ... والثاني للعتقي لا الإمام
للنقل والخلط والارش والغرض ... وعِلَلٍ وإنَّ كلا ما قبض
قوله: للنقل أي إنما جاز الشركة في النقدين، وامتنعت في الطعام لأنه نقل الإجماع على جوازها في النقدين وهو إجماع على غير قياس فلا يقاس على ذلك الطعام، والمراد بالأرش القيمة التي تفتقر الشركة إلى الاستواء فيها. اهـ.
وأشار بهذا واللَّه تعالى أعلم إلى ما علل به إسماعيل من أن الشركة تفتقر إلى الاستواء في القيمة والبيع يفتقر إلى الاستواء في الكيل، فافتقرت الشركة بالطعامين من صنف واحد إلى استواء القيمة