تقول: الشركة هي أن يأذن كل من الشريكين لصاحبه في التصرف في متاعه لنفسه ولصاحبه الإذن مع بقاء تصرف الآذنين أنفسهما، فقوله: "إذن في التصرف" كالجنس يشمل الوكالة والقراض، وقوله: "لهما" كالفصل مخرج للوكالة من الجانبين أي أن يوكل شخص شخصا يتصرف في متاعه ويوكل ذلك الوكيل أيضا الموكل ليتصرف له في متاعه هو لأنه لم يقع فيها إذن كل واحد لصاحبه في التصرف له ولصاحبه، بل أذن كل واحد لصاحبه في التصرف للموكل فقط وبالقيد الثاني وهو مع أنفسهما أي الآذنين يخرج القراض من الجانبين، مثل أن يدفع شخص لآخر قراضا ويدفع ذلك الآخر قراضا غير الأول للدافع، فإن كل واحد منهما أذن للآخر أن يتصرف لنفسه وللآذن لكن لا مع بقاء تصرف الآذن.
وشمل تعريفه شركة المفاوضة والعنان، إلا أن الأولى إذن من أول الأمر، والثانية إذن في ثاني حال؛ لأنهما إذا شرطا نفي الاستبداد استبد كل واحد بعد الإذن؛ إذ معناها أن لا يتصرف كل إلا بإذن خاص، وقوله: "لهما" قال عبد الباقي: أي للمأذونين، وقوله: "أنفسهما" أي الآذنين. اهـ. وقال البناني: ثم إن المظاهر في ضمير لهما أنه يعود على الآذن والمأذون لا للمأذونين كما ذكره الزرقاني أولا ولا للآذنين كما ذكره آخرا، وما ذكرناه هو الذي يناسب ما ذكره في قوله: "مع أنفسهما" من أن المراد مع بقاء تصرف أنفسهما؛ إذ لو كان للمأذونين لاقتضى أن كلا لا يتصرف إلا لنفسه، ولو كان للآذنين لاقتضى تصرف كل لشريكه فقط، وتدخل فيه الوكالة من الجانبين، نعم إن حملنا المعية على الشركة في الربح صح عوده على المأذونين والآذنين، وبالجملة فحمل المعية على معية التصرف كما شرح به يوجب عود ضمير لهما على الآذن والمأذون، وحملها على معية الربح يصح به عودها على الآذنين والمأذونين. واللَّه تعالى أعلم. اهـ.
تنبيهان: الأول: قال البناني: تعريف المص للشركة نحوه لابن الحاجب، قال ابن عرفة: وقد قبلوه ويبطل طرده بقول من ملك شيئا لغيره أذنت لك في التصرف فيه معي، وقول الآخر مثل ذلك وليس بشركة؛ لأنه لو هلك ملك أحدهما لم يضمنه الآخر وهو لازم الشركة، ونفي اللازم ينفي الملزوم ويبطل عكسه بخروج شركة الجبر كالورثة وشركة المتبايعين شيئا بينهم، وقد ذكرهما يعني ابن الحاجب؛ إذ لا إذن في التصرف لهما، ولذا اختلف في كون تصرف أحدهما كغاصب أم لا.