لقول المازري: إنه يلاحظ فيه مسألة الشروط التي لا تفيد، وكونها قد تفيد في بعض الصور لا يمنع ذلك لأن الصور النادرة لا تراعى. اهـ. وبه يسقط اعتراض الزرقاني، لكن حمله على مسألة المدونة أقرب. واللَّه أعلم. انتهى.
ولو عديما مبالغة في قوله: وبرئ إلى هنا، يعني أن حميل الوجه يبرأ بما ذكر من الإحضار على الوجوه المذكورة، ولو كان المضمون المحضر عديما فليس كضامن المال، فإنه يطالب إذا حضر المدين معسرا وهذا هو المشهور، خلافا لابن الجهم، وبه قال ابن اللباد: قال إنما يبرأ الضامن بإحضار المضمون إذا كان موسرا، قال الرهوني: ابن الجهم روى ذلك عن مالك كما للخمي وعياض والتوضيح وابن عرفة وغيرهم، ونص اللخمي: وقد قال ابن الجهم عن مالك: لا يبرأ إلا بوصول الحق إلى صاحبه، قال: لأنه تحمل به في وقت يساره فيأتي به في وقت إعساره. فقد أتلف عليه المال. انتهى. وقوله: "ولو عديما" هو نص المدونة، قال ابن القاسم: إن تكفل برجل أو بوجهه أو بنفسه أو بعينه إلى أجل ولم يذكر مالا، فإنه إذا أتى بالرجل عند الأجل مليا أو معدما برئ. انتهى.
وإلا مركب من إن الشرطية ولا النافية، راجع لقوله: وبرئ بإحضاره إلى هنا؛ أي وإن لم تحصل براءة حميل الوجه بوجه مما سبق أغرم حميل الوجه ما على المضمون، فقوله: "أغرم" بضم الهمزة وسكون الغين العجمة وكسر الراء وفتح اليم فهو مبني للمفعول، ونائبه ضمير يعود على الضامن, ومفعوله الثاني محذوف أي الدين إذا لم تحصل براءة لضامن الوجه فإنه يؤخذ منه الحق الذي على المضمون؛ لأنه ضمن وجه الغريم ولم يأت به، لكن إنما يؤخذ منه الحق حيث لم يأت بالحميل بعد خفيف تلوم أي يتلوم له تلوما قليلا بقدر اجتهاد الحاكم، لعله يأتي بالمضمون.
ومحل هذا التلوم القليل إنما هو إن قربت غيبة غريمه أي المضمون، فالمراد بالغريم هنا المدين، ومثل لقريب الغيبة بقوله: كاليوم أي إنما يتلوم للضامن إذا كان المضمون على مسافة قريبة كاليوم ونحوه، وأما إن بعدت فإنه يغرم بلا تلوم، قال عبد الباقي: ومقتضى كلام المؤلف أن الغريم إذا كان حاضرا فإن الضامن يغرم من غير تلوم، والذي في المدونة أنه يتلوم له في هذه الحالة أيضا، فلو