وقال الشارح: وأشار بقوله "على الأصح" إلى أن المسألة قد اختلف فيها وهو كذلك، فقد قيل: يجوز صلحه مطلقا لأنها مكارمة، وقد دخل في ذلك على أن الغريم إن شاء دفع ما عليه أو قيمة المقوم ومثل المثلي، وقيل يمتنع صلحه مطلقا للجهالة فيما يرجع إليه فهو مبيع بثمن مجهول، وقيل إن صالح عنه بمقوم جاز وإلا امتنع؛ لأن المقوم يرجع فيه إلى القيمة وهي من جنس الدين والحميل يعرف قيمة سلعته فقد دخل على القيمة إن كانت أقل من الدين، وإن كانت أكثر فقد دخل على أخذ الدين وهبة الزيادة، وأما المثلي فإنه من غير جنس الدين فلا يعرف فيه الأقل والأكثر لأن الأقل والأكثر لابد أن يشتركا في الجنس والصفة فكانت الجهالة فيه أقوى، وحكى في البيان رابعا بالجواز فيما يجوز فيه النسيئة في المبايعة لا فيما تمتنع فيه لأنه يؤدي دنانير عن دراهم أو قمحا عن ثمن. اهـ المراد منه.
ورجع بالأقل منه أو قيمته يعني أن الضامن إذا صالح عن الدين بمقوم فإنه يرجع على المدين بالأقل من قيمة المقوم الذي دفع لرب الدين ومن الدين الذي على المدين فالتخيير للمدين، فقوله: "أو قيمته" الضمير فيه يرجع للمصالح به، والضمير في "منه" عائد على الدين. قال عبد الباقي: ورجع الضامن الغارم على المدين بالأقل منه أي من الدين أو قيمته أي ما صالح به أي رجع بأقل الأمرين وهما الدين وقيمة الصالح به، فمن للبيان كما في أحمد لا للتبعيض. اهـ المراد منه. وقوله: "أو قيمته" يعني يوم الصلح لا يوم الرجوع، ففي رسم الأقضية من سماع يحيى من كتاب الحمالة عن ابن القاسم ما نصه: وإن كان غرم عنه عرضا مخالفا للعرض الذي كان تحمل به عنه خير المطلوب، فإن شاء غرم قيمة العرض الذي غرم عنه يوم أخرجه الحميل، وإن شاء غرم مثل العرض الذي كان وجب عليه فقط. اهـ. وقال عبد الباقي: وأما إن كان على المدين مائة دينار وصالح الضامن عنها بخمسين فإنما يرجع على المدين بالخمسين فقط قطعا، ولا يتأتى فيها قوله: "ورجع بالأقل منه أو قيمته".
قوله: وأما إن كان على المدين مائة دينار فصالح الضامن لخ، قال الرهوني: سكت عن رجوع رب الحق على المدين بالخمسين التي أسقطها عن الضامن مع أن هذا هو المتوهم، وظاهر كلامه أنه لا يرجع عليه وليس كذلك، ففي المدونة ما نصه: ومن تكفل لك بمائة حالة فأبرأته من