جنس الدين وكان المدفوع من ذوات القيم لا من ذوات الأمثال، فذكر أن الضامن يرجع على الغريم بأقل الأمرين من الدين أو من قيمة ما دفع، وهذا يدك بالالتزام على أن هذا الصلح جائز وإن كان الضامن لا يدري بماذا يرجع، هل بمثل الدين أو بقيمة الصالح به قبل؟ وإنما جاز ذلك لأن الضمان بابه المعروف والضامن دخل على أنه يأخذ أقل الأمرين وهو معلوم عنده، فإن دفع له الزائد بعد ذلك فمعروف صنعه معه الغريم. واختلف قوله في المدونة: إذا صالح الضامن الغريم بشيء من ذوات الأمثال مخالف لجنس الدين فأجازه في كتاب الحمالة وهو أقرب؛ لأن الباب معروف ومنعه في كتاب السلم الثاني لأن الضامن لا يدري ماذا يرجع به على الغريم، والجهالة فيها أكثر من الجهالة في مسألة المؤلف لمخالفة ما وقع به الصلح لما في ذمة الغريم في الجنس فلا يتأتى فيه الرجوع بالأقل. انتهى.
ومن الشراح من عمم المص فجعله في المثلي وغيره وخص قوله: ورجع بالأقل لخ بالمقوم فعمم في أول الكلام وخصص في آخره كالشارح وعبد الباقي وما قالاه حسن. واللَّه تعالى أعلم. قال عبد الباقي: وجاز صلحه أي الضامن لرب الدين عنه أي عن الدين بما جاز للغريم أي المدين الصلح به عما عليه لتنزله منزلته على الأصح كصلحه لربه بعد الأجل عن دنانير جيدة بأدنى منها أو عكسه، وكصلحه عن طعام قرض قبل الأجل بأكثر وبعد الأجل على أي وجه. قاله التتائي. اهـ. قوله في المثال الجائز كصلحه لربه بعد الأجل عن دنانير جيدة لخ صحيح. قال ابن عرفة: وإن كان عن عين بصنفها أدنى أو أجود، فقال الصقلي عن بعض الفقهاء: جائز لتيقن أن أحدا لا يختار إلا دفع الأخف عليه. اهـ. وقوله: كصلحه على طعام قرض قبل الأجل بأكثر لخ هذا غير صحيح؛ إذ قضاء القرض بأكثر تقدم أنه لا يجوز مطلقا لقول المص: "لا أزيد عددا أو وزنا إلا كرجحان ميزان". واللَّه أعلم قاله التتائي.
وقال عبد الباقي عند قوله: "وجاز صلحه عنه بما جاز للغريم على الأصح" ما نصه: ويستثنى من كلامه يعني على شمول المص للمصالح بمقوم أو مثلي لا على أنه خاص بالمقوم مسألتان: الأولى صلحه بدنانير عن دراهم وبالعكس، والثانية صلحه عن طعام بأجود منه أو أدنى عند حلول الأجل فإن ذلك جائز للغريم لا للضامن؛ لأنه في الأولى صرف مؤخر وصرف بخيار إن دفع