إلا بتسليم الحميل لأنه حق قد لزم الحميل، فللطالب أن لا يقبله من غيره وله أن يقبله فيبرأ الحميل، كما لو كان عليه دين فدفعه أجنبي فإن للطالب أن لا يقبله من الأجنبي إلا بتوكيل الغريم وله أن يقبله فيبرأ بذلك الغريم. اهـ.
وقال المواق من المدونة: قال مالك: من أدى عن رجل حقا لزمه بغير أمره فله أن يرجع عليه، قال ابن القاسم: وكذلك من تكفل عن صبي بحق قضي به عليه فوداه عنه بغير أمر وليه فله أن يرجع به في مال الصبي، وكذلك لو أدى عنه ما لزمه من متاع كسَرَه أو أفسده أو اختلسه لأن ما فعل الصبي من ذلك يلزمه وقاله مالك. ابن المواز: قال ابن القاسم: وذلك إذا كان الجاني الصغير ابن سنة فصاعدا، وأما الصغير جدا مثل ابن ستة أشهر لا ينزجر إذا زجر فلا شيء عليه، ومن المدونة: من أدى عن رجل دينا عليه بغير أمره أو دفع عنه مهر زوجته جاز ذلك إن فعله رفقا بالمطلوب، وأما إن أراد الضرر بطلبه أو إعناته وأراد سجنه لعدمه لعداوة بينه وبينه منع من ذلك، وكذلك إن اشتريت دينا عليه تعنيتا له لم يجز ورد إن علم بهذا.
وهل إن علم بائعه يعني أن الشيوخ اختلفوا فيما إذا قصد المشتري بشرائه إعنات من عليه الدين، فمنهم من تأول المدونة على أن محل رد الشراء المذكور إنما هو إذا علم بائع الدين بقصد المشتري له إعنات من عليه الدين، وأما إن لم يعلم بائع الدين بقصد المشتري ذلك فلا يرد الشراء المذكور بل يباع الدين على مشتريه فيرتفع الضرر بذلك عن المدين.
قال المص: وهذا التأويل هو الأظهر فكلامه صريح في أن ابن رشد استظهر هذا التأويل، ومنهم من تأول المدونة على أنه إذا قصد المشتري إعنات الدين فإنه يرد الشراء المذكور علم بائع الدين بقصد المشتري للضرر أم لا، وهذا التأويل هو ظاهر المدونة، وقوله: تأويلان مبتدأ حذف خبره أي في ذلك تأويلان، قال المواق: ابن يونس: اختلف شيوخنا إن كان مشتري الدين قاصدا بشرائه الإضرار والبائع غير عالم بقصده، فقال بعضهم: يفسخ البيع مثل تواطئهما جميعا وشبهه كالمسلف يقصد بسلفه النفع والقابض للسلف لا علم عنده، وكبيع من لا تلزمه الجمعة ممن تلزمه، وقال غيره: إذا لم يعلم البائع بقصد المشتري للضرر لم تفسخ عليه صفقته ويباع الدين