وقوله: "وإن صالح على عشرة من خمسينه" لخ هو أحد أقوال ثلاثة في المدونة، وهذا قول ابن القاسم في كتاب الصلح من المدونة وقول غيره في كتاب المديان منها. الثاني: أن للذي لم يصالح أن يأخذ من شريكه خمسة ثم يرجع هو على الغريم بخمسين جميع حقه، فإذا أخذها دفع للمصالح الخمسة التي أخذ منه. ثالثها قول غير ابن القاسم في كتاب الصلح: إن اختار الذي لم يصالح أن يدخل مع المصالح في العشرة فإني (?) أجعل دينهما كالستين دينار فيكون له خمسة أسداس العشرة، وللمصالح سدسها ثم يرجع المصالح بخمسة أسداسها على الغريم ويرجع عليه الآخر بما بقي له: وذلك أحد وأربعون دينارا وثلثا دينار. اهـ. قاله الرهوني.
وقال بعد جلب كلام كثير ما نصه: وبه تعلم أن ما درج عليه المص هو قول ابن القاسم في كتاب الصلح من المدونة وقول غيره في كتاب المديان منها، وأن في المدونة قولين آخرين. وقال الرهوني: فهذه الأقوال الثلاثة متفقة على أنه ليس للمصالح إلا العشرة، وأن للذي لم يصالح خمسين وإنما اختلفت في كيفية ذلك. اهـ. واللَّه تعالى أعلم.
وإن صالح بموخر عن مستهلك لم يجز يعني أن من استهلك شيئًا من المقومات عرضا أو حيوانا فإنه لا يجوز أن يصالح عنه بمؤخر من غير جنس قيمته مطلقًا أو من جنسها وهو أكثر لأن ذلك فسخ ما في الذمة في مؤخر. إلا بدراهم كقيمته هذا مستثنى من قوله: "لم يجز" يعني أن محل عدم الجواز إنما هو حيث كان هذا المؤخر من غير جنس القيمة أو من جنسها وهو أكثر كما قررت وأما إن كان هذا المؤخر من جنس القيمة وهو قدرها أو أقل كما قال. فأقل فإن ذلك جائز. واعلم أن من استهلك مقوما فإنه بنفس استهلاكه ترتب القيمة لمالكه في ذمة المستهلك والقيمة إنما هي بالعين من الذهب أو الفضة، فمن استهلك مقوما فليس له أن يلزم الجاني مثله وله أن يلزمه العين، كما أن المستهلك لا يلزمه المثل وله أن يلزمه العين، فإذا استهلك له مقوما وأرادا أن يصطلحا على مؤخر فلا يجوز ذلك إلا بفضة قدر قيمته أو أقل.