فيه فمات فلا كلام للأولياء، قال الحطاب: وليس معنى هذا القول أنه إذا وقع الصلح على الجرح فقط ثم نزي فمات أن الصلح لازم للورثة؛ إذ لم يقل بذلك أحد فيما علمت. اهـ. نقله البناني.
وقوى الرهوني ما للحطاب، وقال إنه هو الحق، ثم قال بعد جلب كثير من النقول: وحاصل المسألة أن الصلح إن وقع عن الجرح وحده بعد تحقق البرء وصحة المجروح فهو جائز بلا خلاف، وإن وقع على الجرح وحده قبل البرء فهو جائز على المشهور خلافا لأحد قولي ابن القاسم، ثم على المشهور إن لم يترام إلى الموت فلا إشكال، وإن ترامى إليه فالأولياء مخيرون بين أن يتماسكوا به وبين أن يردوه فيقسموا، ويكون لهم القود في العمد والدية في الخطإ، وإن وقع عليه وعلى ما يئول إليه في العمد الذي فيه القصاص، فمنعه ابن القاسم وحمل الأكثر عليه المدونة، وأجازه ابن حبيب واختاره ابن رشد، وحمل هو وابن العطار عليه المدونة، والأول هو الراجح والجاري على المشهور، وقول مالك في المدونة في الصلح عن دم العمد بما فيه غرر والثاني هو الجاري على قول الغير فيها الذي استحسنه سحنون، فعلى الثاني لا إشكال ولا كلام لعاقده ولا لورثته إن ترامى إلى الموت، وعلى الأول فهو باطل مطلقًا فإن ترامى إلى الموت فلورثته أن يقسموا ويقتصوا على ما قاله الحطاب وسلمه من قدمنا ذكرهم؛ يعني الأجهوري وأتباعه وأحمد بابا وابن عاشر ومصطفى وأبو علي وجسوس والتاودي والبناني والجنوي وغيرهم، والصواب أنه ليس لهم بعد القسامة إلا الدية كما قدمناه عن المدونة، ولأن القول الآخر شبهة ولو كان ضعيفا فكيف مع قوله؟ وقد قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: (ادرءوا الحدود بالشبهات) (?)، هذا الذي ظهر لي بعد البحث ومراجعة ما أمكن مراجعته واستعمال الفكر وإطالة النظر وشدة التأمل وطول السهر، وهو الحق إن شاء اللَّه كما يظهر لكل منصف ذي بصر، فالحمد والشكر الأكملان لمن منَّ بتحريره وأنعم بتوضيحه وتقريره، والصلاة والسلام الأتمان على الواسطة العظمى في حل كل مقفل وتيسيره، سيدنا محمد وآله وأصحابه الباذلين نفوسهم في نصرة دينه وتقريره وتوقيره،