قوله: وإلا منع في الخطإ أي اتفاقا إن لم يبلغ الثلث، وعلى أحد القولين إن بلغ ثلث الدية، ونص ابن رشد على اختصار ابن عرفة الصلح في الجراحات على تراميها للموت في الخطإ فيما دون الثلث كالموضحة لا يجوز اتفاقا؛ لأنه لا يدري يوم الصلح ما يجب عليه ويفسخ إن وقع، فإن برئ ففيه أرشه وإن مات فالدية على العاقلة بقسامة، وفيما بلغ الثلث في منعه وجوازه نقلا ابن حبيب وغيره، وفي العمد الذي فيه القود قولان: المنع لسماع عيسى والجواز لقول ابن حبيب مع قول صلحها والجواز فيه أظهر وما لا قود فيه لا يجوز على تراميه للموت. قاله ابن حبيب. وعلى الجرح دون تراميه للموت أجازه ابن حبيب فيما فيه عقل مسمى. قال مرّة عليه وعلى ما ترامى إليه دون الموت ومرة عليه فقط. انتهى ببعض إيضاح.
وقد نقل الحطاب كلام ابن رشد مبسوطا فانظره، فقول الزرقاني على ما استظهره الحطاب غير صواب لاقتضائه أن الحطاب استظهر المنع وليس كذلك، بل المستظهر هو الجواز لا المنع والذي استظهره هو ابن رشد كما تقدم لا الحطاب، فانظره. قاله البناني. وقال الحطاب: قال ابن رشد: أما جراح الخطإ الذي دون الثلث كالموضحة فلا خلاف في أن الصلح فيها على ما ترامت إليه من موت أو غيره لا يجوز؛ لأنه إن مات كانت الدية على العاقلة فهو لا يدري يوم صالح ما يجب عليه، وإن وقع الصلح على ذلك فسخ إن عثر عليه واتبع فيه مقتضى حكمه لو لم يكن صلح فإن برئ كان عليه دية الموضحة، وإن مات كانت الدية على العاقلة بقسامة وإن بلغ الجرح ثلث الدية ففيه قولان: أحدهما أنه لا يجوز وهو قوله في هذه الرواية وظاهر ما حكم به ابن حبيب في الواضحة، والثاني أنه جائز. انتهى المراد منه.
وإن وجب -أي ثبت- لمريض على رجل جرح عمدا هذا لفظ المدونة، فقال أبو الحسن: المرض هنا من ذلك الجرح وهو غير ظاهر لأنه يوجب التكرار مع ما مر، وقال الحطاب والسنهوري والأجهوري وعبد الباقي: إن المرض من غير الجرح. قال عبد الباقي: والجرح طارئ على المرض كما تدل عليه عبارته، وقرره شيخنا اللقاني على أنه لا فرق بين تقدم المرض عن الجرح وتأخره، وما يأتي في الجنايات لم يحصل فيه صلح.