ولما ذكر السائل التي له النقض فيها ذكر فرعين ليس له النقض فيهما، فقال: لا إن علم بينة ولم يشهد هذا مفهوم قوله: "أو شهدت بينة لم يعلمها" وهو الفرع السابع، يعني أنه إذا ادعى شخص على آخر بدين فأنكره ثم صالحه عليه وله بينة يعلمها حين الصلح ولم يشهد أنه يقوم بها، فإنه لا قيام له ببينته فليس له أن ينقض الصلح، سواء كانت بينته حاضرة أو غائبة غيبة قريبة أو بعيدة ولو لم يصرح بإسقاطها. قال عبد الباقي: لا إن علم المصالح على إنكار ببينة شاهدة له على المنكر ولم يشهد قبل صلحه أنه يقوم بها، فليس له القيام بها ولو غائبة بعيدة وليس له نقضه لأنه كالتارك لها حين الصلح لقوة أمر الصلح، ولأنه بيع أو إجارة أو هبة بخلاف ما يأتي من أن المدعي إذا استحلف المدعى عليه وله بينة غائبة غيبة بعيدة، فإن له القيام بها وإن كان عالما بها ولم يشهد أنه يقوم بها للفرق المذكور مع ضعف أمر الاستحلاف. انتهى.

وأشار إلى الفرع الثامن بقوله: أو ادعى ضياع الصك فقيل له حقك ثابت فأت به فصالح ثم وجده يعني أنه إذا ادُّعِيَ على شخص بحق فأقر له به المدعى عليه، وقال له: حقك ثابت فأت بالصك لِنَمْحُوَ ما فيه فتأخذ حقك فقال ضاعت مني وأنا أصالحك، فصالحه ثم وجد الوثيقة بعد ذلك فإنه لا قيام له ولا ينقض الصلح اتفاقا، والفرق بين هذه والتي قبلها أن غريمه في هذه معترف وإنما طلبه بإحضار صكه ليمحُوَ ما فيه، فقد رضي بإسقاطه أي صكه واستعجال ما صالحه عليه والأول منكر للحق، وقد أشهد أنه إنما صالح لضياع صكه فهو بمنزلة من صالح لغيبة بينته الغيبة البعيدة فله القيام بها عند قدومها. واللَّه تعالى أعلم.

تنبيهان

تنبيهان: الأول: اعلم أن هذه المسائل الثمان التي ذكر المص هنا أربع منها متفق عليها وأربع منها مختلف فيها، قال في التوضيح: وهنا ثمان مسائل أربع متفق عليها وأربع مختلف فيها، فأما المتفق عليها فَالأُولَى إذا صالح ثم أقر وَالثَّانِيةُ إذا أشهد وأعلن وَالثَّالِثةُ إذا ذكر ضياع صكه ثم وجده بعده فهذه الثلاث اتفق فيها على القبول، وَالرَّابعَةُ إذا ادعى ضياع الصك فقيل له حقك ثابت فأت به فصالح ثم وجده فلا رجوع له باتفاق، وَأمَّا الأربع المختلف فيها فهي إذا غابت بينته وأشهد سرا أَوْ شَهِدَت بينة لم يعلمها والمشهور في المسألتين القبول، وَالثَّالِثةُ إذا صالح وهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015