غيبة بينته وأنه إن قدمت قام بها والحال أنه لم يعلن في الإشهاد عند الحاكم ثم صالحه ثم قدمت بينته، فله القيام بها وينقض الصلح كمن أشهد وأعلن. قاله الخرشي. وغيره وهذا رواه عن ابن القاسم أصبغ، ومقابله أنه ليس له نقض الصلح والأول، قال المص: إنه الأحسن. قال الرهوني: وأشار المص -واللَّه أعلم- بقوله: "على الأحسن" بالنسبة إلى قوله: "كمن لم يعلن" إلى ترجيح غير واحد من المحققين له باقتصارهم عليه؛ إذ الاقتصار على قول واحد ترجيح له لا محالة، بل هو أقوى من ذكر الخلاف مع اختيار بعضه ثم جلب النقل. واللَّه تعالى أعلم.
وأشار إلى السادس بقوله: أو يقر سرا فقط يعني أن المدعى عليه إذا كان يقر بالحق سرا ويجحد علانية خوف أن يطلبه به عاجلا أو يحبسه مثلا، فأشهد المدعي بينة على جحده علانية ثم صالحه على تأخير الحق المدعى به سنة مثلا وقد أشهد المدعي قبل الصلح وبعد الإشهاد على الإنكار كما لابن عرفة بينة لا يعلمها الجاحد، أنه إنما يصالحه على التأخير ليقر له بحقه علانية، وإن لم يشهد البينة أنه غير ملتزم للتأخير، فإن له أن ينقض الصلح عند إقرار المدعى عليه بالحق علانية. هذا قول سحنون. ومقابله لمطرف، والأول هو الأحسن لفتوى بعض أشياخ شيخ المص بذلك.
وقوله: "أو يقر" برفع يقر أي وكمن يقر له المدعى عليه سرا فقط والدعى عليه في هذه مقر حين عقد الصلح، ولذلك لم يمكن المدعي من نقض الصلح إلا بتقديم بينة الاسترعاء لاحتمال أن يكون أقر له قبل عقد الصلح، ووقع الصلح من المدعي طوعًا خلاف قوله في الأولى: فلو أقر بعده فإن المدعى عليه فيها حين عقد الصلح منكر، فإقراره بعده يوجب للمدعي نقض الصلح من غير احتياج لاسترعاءٍ. واللَّه تعالى أعلم. قاله البناني.
وعلم مما مر تصريحا أن قوله: على الأحسن راجع للمسألتين، وقد بان لك وجه الترجيح للقول بنقض الصلح في المسألتين.
تنبيه: قال عبد الباقي: وهذه البينة التي أشهدها المدعي بعد إنكار المدعى عليه، تسمى بينة استرعاء أي إيداع الشهادة، فإن أشهدها أنه ليس ملتزما للتأخير أو إسقاط بعض حقه فهو استرعاء في استرعاء. قال ابن عرفة: وشرطه أي الاسترعاء تقدمه على الصلح فيجب تعيين وقته