وإلى الأول أشار بقوله: فلو أقر بعده يعني أن الظالم من مدع أو مدعى عليه إذا أقر بعد وقوع الصلح ببطلان دعواه في الأول وبما ادعيَ به عليه في الثاني، فإن للمظلوم نقض الصلح فيرد المدعي للمدعى عليه في أخذ منه في الأول، ويعطي المدعى عليه للمدعي جميع ما أقر له به في الثاني، وهذا مما لا خلاف فيه لأنه كالمغلوب على الصلح وله إمضاؤه، وظاهر المص أن له النقض ولو كانت له بينة يعلمها وهو كذلك، وظاهره أيضًا ولو أشهد على نفسه أنه أسقط البينة وهو كذلك. انظر الرهوني.
أو شهدت بينة لم يعلمها هذا هو الفرع الثاني من الفروع الثمانية؛ يعني أنه إذا شهدت بينة للمظلوم والحال أنه لم يعلم بها حين الصلح قربت أو بعدت فإن له أن ينقض الصلح مع يمينه أنه لم يعلمها ويرجع بماله على الظالم، قال عبد الباقي: وهذا متفق عليه، وقال البناني: بل هو مختلف فيه. واللَّه تعالى أعلم. قوله: "أو شهدت بينة لم يعلمها" قال البناني: هذا مقيد بأن يقوم له على الحق شاهدان، فإن قام له شاهد واحد وأراد أن يحلف معه لم يقض له بذلك. قاله الأخوان وابن عبد الحكم وأصبغ، نقله القلشاني وابن ناجي في شرح الرسالة. انتهى.
قوله: هذا مقيد بأن يقوم له على الحق شاهدان لخ، قال الرهوني: هذه المسألة شبيهة بمن قام بالحجة بعد أن حلف خصمه، وقد نقل البناني فيما يأتي عند قوله في القضاء: "إلا لعذر" عن مصطفى عن ابن عرفة مثل ما ذكره هنا، ثم ذكر بعده كلام ابن ناجي فانظره فيما يأتي. والظاهر أن ماله هناك يجري هنا. واللَّه تعالى أعلم. انتهى. وكلام البناني الذي أشار إليه الرهوني عند قول المص: "إلا لعذر" هو في نصه: مصطفى: أي فله القيام بالبينة إلا بالشاهد الواحد. ابن عرفة: لو وجد شاهدا واحدا، فقال الأخوان وابن عبد الحكم وأصبغ لا يحلف معه ولا يقضى إلا بشاهدين. انتهى.
قلت: قال ابن ناجي عند قول المدونة: وإن حلف المطلوب ثم وجد الطالب بينة، فإن لم يكن علم بها قضِيَ له بهافي نصه: وظاهر قوله ثم وجد بينة وإن كانت واحدا ويحلف معه وهو كذلك عند ابن القاسم وغيره، وقال ابن كنانة في الواضحة: ليس له ذلك لأنه يسقط يمينا قد درأ بها حقا بيمينه مع شهيده، ولكن إذا أتى بشاهدين وكلاهما ذكره اللخمي ولم يذكر أبو محمد وابن