فلزمه حتى ارتفعت أصواتهما فأمره النبي عليه الصلاة والسلام أن يضع الشطر ففعل) (?): وأحاديث الصلح كثيرة وفيما قدمناه دليل واضح على جواز الصلح. انظر الشارح.
وقسم المص الصلح على ثلاثة أقسام: بيع وإجارة وهبة؛ لأن المصالح به إذا كان ذاتا فهو بيع وإن كان منفعة فهو إجارة، وإذا كان ببعض المدعى به فهو هبة وهذه الثلاثة تجري في الصلح على الإقرار وعلى الإنكار وعلى السكوت، أما الإقرار فظاهر وأما في الإنكار فبالنظر للمدعى به، وأما السكوت فهو راجع إلى أحدهما، وأما قول المص الآتي: "أو السكوت أو الإنكار" فإنما خصصهما بالذكر لانفرادهما عن صلح الإقرار بشروط ثلاثة ذكرها المص، ثم المصالح به إن كان منافع اشترط أن يكون المدعى به معينا حاضرا، ككتاب مثلا يدعيه على زيد وهو بيده فيصالحه بسكنى دار أو خدمة عبد، فلو كان المدعى به دينا في الذمة فلا يجوز أن تصالحه بمنافع لأنه فسخ دين في دين. واللَّه أعلم. قاله البناني.
وأشار المص إلى القسم الأول من أقسام الصلح بقوله: الصلح على غير المدعى بيع يعني أنه إذا ادعى عليه بشيء فأقر به ثم إنه صالحه على غيره، فإن ذلك بيع يشترط فيه شروط البيع وانتفاء موانعه، كما لو ادعى عليه بعرض معين أو بحيوان معين أو بطعام معين فأقر فيصالحه بغير العرض في الأول وبغير الحيوان في الثاني وبغير الطعام في الثالث، فإن ذلك جائز وهو بيع فيجوز عند انتفاء موانعه. وقوله: "بيع" أي حيث كان المصالح به ذاتا.
وإلى الثاني بقوله: أو إجارة يعني أنه إذا ادعى عليه بشيء معين فأقر به فصالحه عنه بمنافع كسكنى دار وخدمة عبد مدة معلومة فإن ذلك إجارة، فيجوز حيث انتفت الموانع، كانت المنفعة معينة أو مضمونة، فإن اختل شرط البيع كصلحه عن سلعة بثوب بشرط أن لا يلبسه أو لا يبيعه لم يجزت كما لو انتفت شروط الإجارة كصلحه بمنافع معينة أو مضمونة عن دين في الذمة. وقولي: بمعين، لا خصوصية للمعين بذلك، بل وكذا الدين فهو بيع أيضًا أو إجارة كما يأتي