(تنكح المرأة لدينها ومالها وجمالها) وذلك يفيد أن للزوج حقا في تبقية المال، وإنما أجزنا لها الثلث لأن الحديث مقيد بالمنع فيما زاد على الثلث، ولأن منعها فيه لأجل غيرها فأشبهت المريض. قال ابن حبيب: إنما كان معروف ذات الزوج في ثلثها لما روي أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: (لا يجوز لامرأة أن تقضي في ذي بال من مالها إلا بإذن زوجها)، فرأى العلماء أن ذا بال من مالها ما جاوز ثلثها فأجازوا لها القضاء في الثلث، ولم تكن أسوأ حالا من المريض الذي قصره رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم على الثلث. وقال ابن رشد في رسم الكبش من سماع يحيى من كتاب الهبة والصدقة ما نصه: لا يجوز للمرأة ذات الزوج قضاء في أكثر من ثلثها بهبة ولا صدقة ولا بما أشبه ذلك من التفويت بغير عوض دون إذن من زوجها في قول مالك رحمه اللَّه وجميع أصحابه، لقول النبي صلى اللَّه عليه وسلم: (لا يجوز لامرأة قضاء في ذي بال من مالها بغير إذن زوجها). انتهى.
والاستدلال بهذه الأحاديث المذكورة يقتضي صحتها أو حسنها، أما حديث: (تنكح المرأة) لخ فلا إشكال في صحته هو في الصحيحين وغيرهما، وأما ما عداه فقال ابن عرفة بعد ذكره كلام ابن رشد السابق مختصرا ما نصه: قلت: لا أعرف هذا الحديث في كتب الحديث، إنما ذكره ابن حبيب وأحاديثه لا تستقل بالصحة بل يجب البحث فيها حسبما ذكره عبد الحق وغيره، وخرج النسائي عن حسن (?) المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد اللَّه بن عمرو بن العاصي، قال: لما فتح رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مكة قام خطيبا، فقال في خطبته: (لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها) (?). ورواه داوود بن أبي هند [وحسين] (?) المعلم عن عمرو بن شعيب بهذا الإسناد، قال: (لا يجوز لامرأة هبة في مالها إذا ملك زوجها عصمتها). ذكره النسائي أيضًا.
قال عبد الحق: وتقدم الكلام على ضعف هذا الإسناد، وفي البخاري عن ميمونة أنها أعتقت وليدة ولم تستأذن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فلما كان يومها الذي يدور عليها فيه قالت: