وللولي ترك التشفع والقصاص يعني أن الولي أبا أو غيره له أن يترك الأخذ بالشفعة للمحجور صغيرا أو بالغا سفيها إذا كان ذلك على وجه النظر للمحجور، وللولي أيضا أبا أو غيره أن يترك القصاص في أطراف الصغير أو في قتل وليه إذا كان ذلك نظرا فيأخذ له الدية، وأما السفيه البالغ فهو الذي ينظر في القصاص لنفسه ولا يحجر عليه فيه كما مر، وإذا ترك الولي الأخذ بالشفعة للمحجور والقصاص للصغير على وجه النظر فإنهما يسقطان أي الأخذ بالشفعة والقصاص، فلا يكون للصغير إذا بلغ ورشد ولا للسفيه إذا رشد أن يأخذا بالشفعة، ولا للصغير إذا بلغ أن يقتص بل يمضي ما فعله الولي من ذلك على وجه النظر. واللَّه تعالى أعلم. بخلاف تركهما على غير وجه النظر فله بعد ذلك القيام كما سيذكره في باب الشفعة بقوله: "أو أسقط وصي أو أب بلا نظر". قاله عبد الباقي.
ولا يعفو يعني أنه إذا استحق الصغير المولى عليه قصاصا فإنه لا يجوز له العفو عن الجاني مجانا أو على أقل من الدية إلا لعسر الجاني أو المجني عليه. المواق: ابن عرفة: في دياتها للأب القصاص في جراح ابنه الصغير ولا عفو له إلا بعوض وكذا الوصي، والنظر في شفعة السفيه للولي فإن سَلَّمَ من ذكرنا من أب أو وصي أو سلطان شفعة الصبي لزمه ذلك. انتهى. وقال الشارح: وقوله: "وللولي ترك التشفع" محمول على ما إذا كان ترك الأخذ هو المصلحة، فإن كان الأخذ هو المصلحة وترك ذلك الولي فإن له إذا رشد الأخذ بشفعته، وكذلك له النظر في قصاص وجب له إما بجناية عليه أو على وليه، وفي المدونة: فإن كان فقيرا محتاجا للإنفاق عليه فترك القصاص وأخذ الدية له أولى فيسقط حينئذ القصاص كما قال، وإن كان غنيا ولا حاجة له بالمال فالقصاص له أولى. قال في المدونة: وليس للأب أن يعفوَ إلا أن يعوضه من ماله يريد ولا يعفو إلا في عمد لا خطإ.
ومضى عتقه بعوض يعني أن وصي المحجور صغيرا أو بالغا سفيها إذا أعتق عبدا لمحجوره عتقا ناجزا بعوض من غير مال العبد، فإن عتقه ماض حيث كان العوض قدر قيمة العبد فأكثر فلو أعتقه بغير عوض رد فعله لأنه إتلاف لمال محجوره، ولا فرق بين الموسر والعسر في رد العتق بغير عوض من غير الأب، كأبيه إن أيسر يعني أن الأب إذا أعتق عبد ولده بعوض قدر قيمة