إلا بأحد وجهين: إما أن يكون سفهه حين الحلم أو قريبا منه وضرب على يديه وأشهد ببقاء ولايته عليه فذلك جائز له، ولا يزال الابن بذلك باقيا في حجره إلى أن يرشده أبوه أو يحكم له حاكم بإطلاقه، وعلى هذا بنى أهل الوثائق وثائقهم وانعقدت به أحكامهم. والوجه الآخر أن يكون الأب أغفل الحجر عليه حتى بعد عن سن الاحتلام فلا يكون له تسفيهه إلا عند الإمام. انتهى. وإنما أعدت هذا الذي قدمته لا أضفت إليه هنا من كلام السنهوري ليجتمع الكلام على المسألة في محل واحد.
الثاني: قال عبد الباقي: فإن مات الوصي قبل الفك تصير أفعاله بعد ذلك على الحجر ولابد من فك الحاكم، ولا يقال صار مهملا ولا يأتي الخلاف الآتي بين مالك وابن القاسم لأنه محجور عليه. انتهى. وهذا الذي قال عبد الباقي زيفه الرهوني، وقال: إنه خلاف ما قاله فقهاء طليطلة من أنه على مذهب ابن القاسم إن ظهر منه حسن نظر جائز الأفعال بعد موت وصيه، وإن لم يحكم بإطلاقه كما هو عنده في سفهه مردود الفعل دون حكم بالتحجير عليه والضرب على يديه، وأما على مذهب غيره فلا يخرج من الولاية التي لزمته إلا بحكم. وقاله ابن مالك القرطبي. انتهى المراد منه. لكنه قوى القول بأنه هنا يحتاج إلى الفك، فإنه نقل عن ابن سلمون ما نصه: واختلف في الذي يموت وصيه ولم يوص به إلى أحد ولا قدم عليه السلطان وصيا، فقيل: إن كان حسن النظر لنفسه معروفا بالرشد فأفعاله كلها جائزة، وإن كان معروفا بالسفه فأفعاله كلها مردودة وهو قول ابن القاسم. والذي جرت به الفتوى وعليه الشيوخ أن أفعاله كلها حكمها حكم من كان وصيه باقيا حتى يظهر رشده ويحكم برشده. انتهى المراد منه.
الثالث: قول عبد الباقي: إن الوصي ومقدم القاضي لا يحتاج في الفك إلى إذن من القاضي هو المشهور، وقيل لابد من إذن القاضي، ونسبه اللخمي وغيره لعبد الوهاب، وقول المص: "إلى حفظ مال ذي الأب بعده وفك وصي أو مقدم"، قال عبد الباقي: فيه إشعار بأن اليتيم المهمل يخرج من الحجر بالبلوغ.