الثَّانِي: قال عبد الباقي عند قوله: "أو تتمر رطبه": ولا يعارض هذا ما مر من أن المفلس إنما يفوز بجذها لا بيبسها؛ لأن ما مر في غلة مبيع كنخلة وما هنا المبيع ذات الرطب ولا يجوز تراضيهما على أخذه بعد تتمره، وكذا الكبش بعد ذبحه بناء على أن التفليس ابتداء بيع إن كان الكبش مما لا يباع بطعام لأجل، لا إن كان مما يباع به ولا إن بنينا على أن التفليس نقض للبيع من أصله فيجوز تراضيهما على أخذه حينئذ. انتهى. قوله: إن كان الكبش مما لا لخ، بل الظاهر المنع مطلقا لأن في أخذ اللحم اقتفاءه عن ثمن الحيوان بلحم جنسه وهو ممنوع كما تقدم في قوله: "وبغير جنسه إن جاز بيعه قبل قبضه وبيعه بالمسلم فيه مناجزة". قاله البناني.
وقال الرهوني: قول عبد الباقي: ولا يجوز تراضيهما على أخذه بعد تتمره، وكذلك الكبش بعد ذبحه بناء على أن التفليس ابتداء بيع لخ، لا يخفى ما في هذه العبارة، والصواب أن يقول بناء على أن الأخذ من المفلس ابتداء بيع لخ، ثم كلامه يوهم أن الراجح هو الجواز لأن الراجح أنه ليس كابتداء بيع وعلى ذلك بنيت مسألة الآبق السابقة ومسألة الرد بالعيب الآتية، وقد صرح في التوضيح بإجراء ذلك على الخلاف المذكور، ونصه: وأجري على هذا الأصل ما إذا بيع رطبا ثم يبس، فقال مالك: لا يجوز أخذه، وقال أشهب: بجوازه، ونسب الباجي القولين لمالك وذكر علة تفيد المنع حتى على القول بأنه ليس بابتداء بيع ونصه: اختلف قول مالك فيه في العتبية فأجازه مرة ومنعه أخرى لخ، ثم ذكر الخلاف في مسألة ما إذا سمن زبده أو طحن القمح وما أشبه ذلك، ثم قال بعد جلب نقل ما نصه: وكلامه صريح في أنه لا خصوصية لأخذ التمر والكبش خلاف ما يقتضيه كلام الزرقاني والمنع في الجميع هو الراجح. واللَّه تعالى أعلم. انتهى.
الثالث: هل للغريم أخذ عين شيئه في المفلس، ولو باعه ثم أعيد إليه لارتفاع المفيت حينئذ أم لا نقل الخرشي عن أحمد الزرقاني عن بعض شيوخه عن بعض شيوخه أن له أخذ عين شيئه. انظر بقية كلامه.
الرابع: قد مر قول المص: "أو خلط بغير مثل" قال المواق عنده من المدونة: قال ابن وهب عن مالك: من ابتاع زيتا فصبه على زيت آخر له أو دفع إلى صراف دنانير فصبها في كيسه وذلك كله بمحضر بينة ثم فلس المبتاع فالبائع أحق بمقدار زيته ووزن دنانيره، وهو كعين قائمة وليس