تقدم لا بطول سجنه، ومعلوم الملاء لا يخرج حتى يؤدي أو يموت أو تشهد له بينة بذهاب ما بيده، وأما إن شهدت بعدمه فلا يخرج بذلك.
ولما كان جميع ما تقدم من أحكام هذا الباب لا يختص به الرجال ولا النساء بل يشترك الجميع فيه، وكان من ذلك الحبس ذَكَرَ ما يختص بحبسهن بقوله: وحبس النساء عند أمينة يعني أن النساء يحبسن عند أمرأة أمينة ويقبل منهن الكفيل كالرجال، والحاصل أنهن يحبسن بموضع لا وجال فيه، ويكون حبسهن عند أمينة سواء كانت هذه الأمينة وحدها أو مع أمين زوج أو أب أو ابن كما قال: أو ذات أمين.
وعلم مما قررت أنه لابد في المرأة التي تحبس النساء عندها أن تكون أمينة وحدها أو مع أمين، فقوله: "ذات" معطوف على محذوف أي منفردة أو ذات أمين. قال المواق: اللخمي: وحبس النساء بموضع لا رجال فيه والأمين عليهن امرأة مأمونة لا زوج لها أو لها زوج مأمون معروف بالخير. انتهى. وعلم مما ذكرته أن المأمونة إن لم تكن وحدها فلابد أن يكون صاحبها أمينا معروفا بالخير.
والسيد لمكاتبه يعني أن السيد يحبس لمكاتبه لأنه أحرز نفسه وماله والحقوق المتعلقة بالذمة لا يُراعَى فيها الحرية ولا علو المنزلة، بدليل أن المسلم يحبس في دين الكافر. قوله: "والسيد لمكاتبه" كذا في المدونة، فقال ابن عرفة: ابن محرز عن سحنون: هذا إن كان الدين أكثر مما على المكاتب من الكتابة وإن كان مثلها فأقل لم يحبس. قاله بعضهم. لأن للسيد بيع الكتابة بنقد ابن عبد الرحمن: لم يحبس على كل حال إذا لم يبعها لأن الحاكم يضيق عليه ليبيعها ولا يبيعها عليه الحاكم لأنه لا يبيع إلا على مفلس. ابن عرفة: الحق أن البيع على المفلس جبري وعلى المدين اختياري. انتهى. نقله البناني.
وقال عبد الباقي: وحبس السيد في دين عليه لمكاتبه إن لم يحل من نجوم الكتابة ما يفي بالدين، أو يكن في قيمة الكتابة ما يفي بدينه ولا يقاصه السيد جبرا عليه بالكتابة حيث كان دينه حالا على السيد، أو اختلفت قيمتها وقيمة الدين اختلافا لا تجوز معه المقاصة، وكذا يحبس السيد لعبده إذا شهد له شاهد بعتقه ولم يحلف السيد لرد شهادته كما يذكره في باب