الزرقاني هنا في الأولى، واستدل به فيما يأتي لرد ما قاله الزرقاني في الثانية، واختار شيخنا مثل ما للتاودي والبناني من أنه لا فرق بين المسألتين، لكن اعترض ما ذكراه تبعا للحطاب من أن ذلك ليس بعذر، قائلا: بل الراجح أنه عذر فيهما، قلت: وما اتفقوا عليه -طيَّبَ اللَّه ثراهم- من اعتراض التفريق الذي سلكه الزرقاني واضح، إذ لا وجه للتفريق لأن العلة التي علل بها القول بأنه عذر موجودة في الصورتين، وهي ما ذكره غير واحد من أنه يقول خفت أن أرفع إلى الحاكم فيعجزني ويبطل حقي، والعلة التي علل بها القول بأنه ليس بعذر موجودة فيهما أيضا، وهي أنه لو رفعه إلى الحاكم لاحتمل أن يقر له بالحق فلا يحتاج لإقامة حجة، وإذا استويا في العلة (وجب) (?) استواؤهما في الحكم وما اختلفوا فيه من الترجيح فالحقُّ فيه مع شيخنا، والصواب ما قاله من أن الراجح أنه عذر في الصورتين؛ لأنه المنصوص للمتقدمين والذي عليه الحفاظ المحققون من المتأخرين.
ثم قال الرهوني بعد جلب كثير من النقول ما نصه: فتحصل من ذلك كله أن الصورتين سواء وأن الراجح أن ذلك عذر فيهما لأنه المنصوص عليه للمتقدمين، إذ رواه ابن حبيب في واضحته عن مطرف وأصبغ وقبله ولم يحك خلافه أصلا، وقبله فضل في اختصاره للواضحة وأبو محمد في نوادره والمتيطى في نهايته وابن سلمون في ديوانه وابن هارون في اختصاره وابن فرحون في تبصرته ولم يذكروا خلافه عن أحد، ونسبه ابن أبي يحيى في حاشيته على المدونة لرواية عيسى وسلم له ذلك أبو الحسن والقاضي المكناسي، وقال الإمام العبدوسي: لم يزل الشيوخ يستقرءونه من قول ابن القاسم وسلم لهم ذلك هو وغيره من المحققين، وهو الذي أفتى به ابن الحاج في نوازله، واعتمد كلامه ابن سلمون وابن هلال والوانشريسي في غير موضع من معياره والشيخ ميارة وأبو علي وغيرهم، وبه أفتى أبو الحسن في أجوبته وهو الذي جزم به الرعيني وابن يحيى وابن دبوس وأبو عبد اللَّه القيرواني، ونقله ابن فرحون عن أبي الحسن الطخيخي عن أبي الحسن الصغير وسلمه وعليه عول المكناسي في مجالسه، وبه يتبين لك صحة ما قلناه من أن ما قاله شيخنا هو