وقوله: وكذا في مكروه أو مباح لخ هذا هو الذي يفيده كلام المقدمات، ونقله الحطاب ونصه: ذكر في المقدمات عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم آثارا في التشديد في الدين، ثم قال: فيحتمل أن تكون هذه الآثار إنما وردت فيمن تداين في سرف أو فساد غير مباح أو في من تداين وهو يعلم أن ذمته لا تفي بما تداين به؛ لأنه متى فعل ذلك فقد قصد استهلاك أموال الناس، وقد قيل إن هذا كله كان من النبي صلى اللَّه عليه وسلم في الدين قبل فرض الزكاة ونزول آية الفيء والخمس، ثم نقل الحطاب قول الذخيرة: الأحاديث الواردة في الحبس عن الجنة في الدَّيْنِ منسوخة بما جعله اللَّه من قضاء الدَّيْن على السلطان، وكان ذلك قبل أن تفتح الفتوحات، فقول ابن رشد: وقد قيل إن هذا كله لخ يقتضي أن القضاء على السلطان في الجميع على القول بالنسخ وهو ظاهر كلام الذخيرة، لكن يستثنى من ذلك ما لم يكن مشهودا به عليه ومات ولم يوص به فهو المؤاخذ به؛ لأن السلطان لا يقضيه. انتهى. قاله البناني.
فوائد: الأولى: قال في المقدمات في كتاب المديان قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ}، وقال تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} فدل ذلك على جواز التداين وذلك إذا تداين في غير سرف ولا فساد، وهو يرى أن ذمته تفي بالدين، ثم قال: وقد استعاذ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من الدين فقال: (اللَّهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم) (?)، وقال عمر بن الخطاب: (إياكم والدين فإن أوله هم وآخره حرب) (?). انتهى. وحرب بفتح المراء والحاء. قاله في النهاية. وروى بسكون الراء أي نزاع.
الثانية: قال الأبي: كانت زبيدة بنت أبي جعفر المنصور زوجة الرشيد وأم ولده الأمين كثيرة الصدقة وفعل الجميل من بناء القناطر والتجهيز في سبيل اللَّه تعالى، قال منصور بن عمار: كنت نائما في الحرم فإذا امرأة تعشي متبخترة، فقلت: يا هذي أما تتقين اللَّه في هذا المحل تمشين هذه المشية من أنت؟ قالت: زبيدة، قال: زوجة الرشيد وابنة الخلائف؟ فقالت: تعس الخلائف يا منصور، ولقد وددت أن أكون راعية، فقلت: ولم وكنت تتصدقين وتفعلين الجميل؟ فقالت: