بشهادته حيث كان الرهن باقيا لا يوم الارتهان أي القبض هذا قول ابن القاسم؛ لأن الشاهد إنما تعتبر شهادته يوم الحكم بها، فكذلك الرهن إذا كانت قيمته يوم الارتهان خمسة مثلا ويوم الحكم عشرة، وقال المرتهن: هو على عَشَرَةٍ، وقال الراهن: على خَمْسَةٍ فإن القول قول المرتهن. وقال اللخمي: إن كانت قيمته يوم قبض عشرة ويوم الحكم عشرون كان القول قول المرتهن إنه عشرة.

وأما إن تلف فإنه اختلف هل تعتبر قيمته يوم التلف وهو لابن القاسم؟ أو تعتبر قيمته يوم القبض وهو لابن القاسم أيضا؟ أو تعتبر قيمته يوم الرهن وهو لابن القاسم أيضا؟ في ذلك أقوال: ثلاثة على ما قال المص وكلها لابن القاسم، والحاصل أن بعض الأشياخ ذهب إلى أن القولين الأخيرين خلف وعليه المص هنا، وذهب بعضهم إلى أنهما وفاق وعليه فليس في المسألة إلا قولان.

وإن اختلفا في مقبوض فقال الراهن عن دين الرهن وزع بعد حلفهما يعني أنه إذا كان له عليه عشرون دينارا مثلا فرهن له على عشرة منها رهنا ثم قضاه عشرة من العشرين، فقال الراهن: هذه العشرة عن دين الرهن، وقال المرتهن: بل هي عن العشرة التي لا رهن لها فالحكم في هذه المسألة أنهما يتحالفان وتوزع العشرة أي تقسم بين الدينين على قدرهما، ففي هذا المثال تكون العشرة الباقية نصفها بلا رهن ونصفها برهن ولو كان الدين ثلاثين، ورهنه في عشرين منها رهنا وعشرة منها لا رهن لها فقضاه تسعة واختلفا في ذلك، فإنه يكون منها ستة لدين الرهن وثلاثة للدين الذي لا رهن له وهو عشرة.

وقوله: "وزع" اعلم أن الحكم فيما إذا اختلفا عند القضاء التوزيع كما إذا اختلفا بعد القضاء، إلا أنه لا يمين إذا اختلفا عند القضاء، وجعل عبد الباقي المص شاملا للأمرين، فإنه قال: وإن اختلفا بعد القضاء أو عنده في مغبوض، فقال الراهن: عن دين الرهن، وقال المرتهن: عن الدين الذي ليس برهن، وكلا الدينين ثابث أحدهما برهن والآخر بدونه، وزع المقبوض على قدر الدينين بعد حلفهما إن اختلفا بعد القضاء فيصير الدين الباقي نصفه برهن ونصفه بلا رهن، فإن اختلفا عنده وزع أيضا لكن دون يمينهما فيعمم في قوله: "وزع" ويخص قوله بعد حلفهما باختلافهما بعد القضاء ونكولهما كحلفهما ويقضى للحالف على الناكل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015