وادعى أنه كان به؛ إذ لو ثبت أنه كان به لم يضمن باتفاق الباجي وغيره، ولما كان فتوى الباجي حين احتراق أسواق طرطوشة ورأى المص الحكم عاما في الأسواق وفي علم احتراق المحل الكائن للمرتهن نسب له الفتوى. انتهى كلام عبد الباقي.
وهنا ثلاث صور: عُلِمَ احتراق محله المعتاد وضعه فيه ولم يثبت أنه كان به بل ادعى المرتهن أنه كان به هي صورة الخلاف بين الباجي وغيره فلا يضمن عند الباجي ويضمن عند غيره إلا لأجل بقاء بعضه محرقا فلا يضمن عند الباجي ولا عند غيره، وقيده ابن المواز بما إذا علم أن النار من غير سبب المرتهن. عُلِمَ احتراق المحل وثبت أن الرهن كان فيه فلا يضمن باتفاق الباجي وغيره فتلك ثلاث صور واللَّه تعالى أعلم. قوله: "وأفتى بعدمه في العلم" قال البناني: أفتى بذلك الباجي لما احترق أسواق طرطوشة وبذلك جرى العمل عندنا، ونقل في التوضيح مثل فتواه عن المازري ونصه: وذكر المازري أنه نزل عندهم سنة ست وثمانين وأربع مائة لما فتح الروم زويلة والهدية ونهبوا الأموال وكثرت الخصومات مع المرتهنين والصناع وفي البلد مشايخ من أهل العلم متوافرون، فأفتى جميعهم بتكليف المرتهن والصانع البينةَ أن ما عنده قد أخذه الروم وأفتيت بتصديقهم، قال: وكان القاضي حينئذ يعتمد على فتواي فتوقف لكثرة من خالفني حتى شهد عنده عدلان أن شيخ الجماعة السيوري أفتى بما أفتيت به، ثم قدم علينا كتاب المنتقى فذكر فيه في الاحتراق مثل ما أفتيت وذكر كلام الباجي. انتهى.
وإلا مركب من إن الشرطية ولا النافية؛ أي وإن لم توجد الشروط الثلاثة بأن لم يكن بيد المرتهن بل كان بيد أمين أو تركاه في موضعه كثمار برءوس شجر وكزرع قائم وكرهن سفينة واقفة بالمرسى وإن رهنت آلتها معها، وكأعدال في قاعة فندق وكطعام في دار الراهن مطبوعا عليه أو مفتاحه بيد المرتهن أو كان الرهن بيد المرتهن وهو مما لا يغاب عليه، كدور وعبيد وحيوان أو شهدت بينة بكحرقه، فلا ضمان على المرتهن. قاله عبد الباقي. قوله: أو مفتاحه بيد المرتهن لخ هذه الأمور كلها في التوضيح عن اللخمي، لكن أخل عبد الباقي بقيد في هذه إذ زاد في التوضيح بعد قوله أو مفتاحه بيده ما نصه: فإن علم أنه كان يتكرر له ويفتحه ويشبه أن يكون أخذ ذلك في تكرره ضمنه. انتهى منه بلفظه قاله الرهوني.