أم لا. انظر البناني. وحاصل هذا أن قوله: "في الذمة" لا ينافي كون الرهن رهنا بالإنفاق، فأتى بقوله: "وليس رهنا به" ليفيد أن هذا الذي في الذمة ليس الرهن رهنا به، ألا ترى أن الدين يكون الرهن رهنا به وهو في الذمة فيتبع المدين بما فضل عن الرهن به كهذا. واللَّه تعالى أعلم.
إلا أن يصرح بأنه رهن بها مستثنى من قوله: "وليس رهنا به يعني أن الرهن لا يكون رهنا بالنفقة المذكورة إلا إذا صرح الراهن للمرتهن بأن الرهن يكون رهنا بها، فيكون الرهن حينئذ رهنا بالنفقة فيبدأ فيه على الغرماء، وقوله: "بها" أي بالنفقة التي أشار لها بقوله: "به" أي بالإنفاق بتذكير الضمير، فقد تفنن في العبارة، والتصريحُ كأن يقول له: أنفق على الرهن وهو بما أنفقت رهن فيكون حينئذ رهنا في الدين والنفقة قطعا، فإذا قال له: أنفق أو أنفق بغير إذنه فهو قوله: "وليس رهنا به"، فيرجع في الذمة في قوله: أنفق اتفاقا، وهاتان صورتان متفق عليهما وهما قوله: أنفق فيرجع في الذمة ولا يكون رهنا به اتفاقا، وقوله: أنفق والرهن بما أنفقت رهن فيكون بالدين وبالنفقة اتفاقا.
وبقيت صورة الخلاف المشار إليها بقوله: وهل وإن قال ونفقتك في الرهن راجع لما قبل الاستثناء؛ يعني أنه اختلف إذا لم يصرح بأن الرهن رهن بالإنفاق هل لا يكون رهنا به وإن أتى بما يقرب من التصريح, كقوله: أنفق ونفقتك في الرهن، أو أنفق على أن نفقتك في الرهن أو يكون رهنا به.
في ذلك تأويلان الأوّلُ: لابن شبلون وابن رشد، والثَّانِي لابن يونس وجماعة.
وعلم مما قررت أن قوله: أنفق ونفقتك في الرهن أو أنفق على أن نفقتك في الرهن سواء، فابن شبلون وابن رشد جعلاهما من قبيل قول الراهن أنفق، وابن يونس وجماعة ألحقوهما بقوله: والرهن بما أنفقت رهن قال البناني ونصه: يعني ابن يونس، قال ابن القاسم: ولا يكون ما أنفق في الرهن إذا أنفق بأمر ربه؛ لأن ذلك سلف، ثم قال: إلا أن يقول له أنفق على أن نفقتك في الرهن, أو أنفق والرهن بما أنفقت رهن فذلك سواء ويكون رهنا بالنفقة، ثم قال: فإن غاب وقال الإمام أنفق ونفقتك في الرهن كان أحق به من الغرماء كالضالة. انتهى على نقل المواق. فعبر مرة بعلى ومرة بالواو لاستوائهما، وكذا ابن رشد. قال في سماع أبي زيد من كتاب المديان ما نصه: قول ابن القاسم في الرهون من المدونة: إن الراهن إذا قال للمرتهن أنفق على الرهن على أن نفقتك