الغرماء فادعيا أنهما قبضا ذلك لم يصدق واحد منهما في ذلك باتفاق إلا أن تكون لهما بينة على ذلك، ولا ينتفع في الرهن بإقامة البينة على أنه قد قبضه وحازه قبل قيام الغرماء إلا أن تشهد البينة أنه قد قبضه وحازه بأمر الراهن وإذنه، والرهن في هذا بخلاف الهبة لأن القبض فيه أوجب لقول اللَّه عز وجل: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}، ولأن من أهل العلم من يقول: لا يكون رهنا حتى يكون مقبوضا. انتهى.
وقال ابن عرفة: كان يجري لنا في المذاكرات أن التحويز في حق الرهن شرط لا يكفي الحوز دونه لبقاء ملك الراهن بخلاف الهبة، وفي هبة المدونة أيضا: من وهب لرجل هبة لغير ثواب فقبضها الموهوب له بغير إذن الواهب جاز قبضه إذ يُقْضَى على الواهب بذلك إذا منعه إياها، فظاهر تعليله بالقضاء عليه بذلك يوجب كون الرهن كذلك. انتهى. ونقله ابن غازي. قاله البناني. واللَّه تعلى أعلم.
ومضى بيعه قبل قبضه إن فرط مرتهنه يعني أن المرتهن إذا فرط في طلب الرهن المعين ولم يحزه حتى باعه راهنه، فإن البيع يمضي ولا يجوز ابتداء ولا يلزمه رهن غيره للمرتهن. وقوله: "بيعه قبل قبضه" كل من المصدرين مضاف إلى مفعوله أي يمضي بيع الرهن قبل قبضه أي الرهن، ويصح أن يكونا مضافين للفاعل أي ومضى بيع الراهن للرهن قبل إقباضه أي الراهن للرهن للمرتهن. انظر الخرشي. وقال عبد الباقي: ومضى ولا يجوز ابتداء بيعه أي بيع الراهن للرهن المعين المشترط في صلب عقد البيع أو القرض قبل قبضه أي إقباضه للرهن إن فرط مرتهنه في طلبه له وصار دينه بلا رهن، وإلا أي وإن لم يفرط بل جد في طلبه الرهن المعين، ففي مضي البيع فات أم لا ويكون الثمن رهنا وهو لابن أبي زيد، ورد البيع إن لم يفت ويبقى رهنا فإن فات بيد مشتريه كان الثمن رهنا وهو لابن القصار تأويلان ورد البيع عند ابن القصار ليس بواجب، بل إن شاء رده وإن شاء أجازه، وإذا أجازه بقي دينه بلا رهن لأن خيرته تنفي ضرره، ولابن رشد تأويل ثالث وهو أن المرتهن ليس له رد المبيع في الرهن، وإنما له فسخ البيع المشترط فيه الرهن. قال: لأنه إنما باعه على ذلك الرهن بعينه، فلما فوته كان أحق بسلعته إن كانت قائمة، أو قيمتها إن كانت فائتة هذا معنى ما في كتاب الرهون من المدونة، ونقله الحطاب وقد أدخله