تنبيه: قال الحطاب: إذا قلنا إن الرهن يبطل في المبيع الفاسد، فتارة يفسخ مع قيام السلعة قبل فواتها فهذا ظاهر، وتارة يفسخ بالقيمة بعد فوات السلعة، وحينئذ إما أن تكون القيمة مساوية للثمن أو أقل أو أكثر مع التساوي الأمر ظاهر، وإن كانت أقل فهل يكون الرهن جميعه رهنا بها وهو مذهب المدونة وهو المشهور؟ وإن كانت القيمة أكثر كان الرهن رهنا في قدر الثمن منها، مثاله من أسلم دينارا في ثلاثين درهما وأخذ رهنا ثم فسخ ذلك، فإن كان الدينار والدراهم سواء كان أحق بالرهن حتى يعود إليه ديناره, وإن كانت قيمة الدينار أربعين فلا يكون رهنا إلا في قدر الثمن وهو ثلاثة أرباع من الدينار. واختلف إذا كانت قيمة الدينار عشرين هل يكون أحق بجميعه أو بثلثيه ويسقط من الرهن ما ينوب العشرة الزائدة.
وحلف المخطئ الراهن أنه ظن لزوم الدية ورجع يعني أن من جنى جناية خطأ تحملها العاقلة بأن بلغت ثلث دية المجني عليه أو ثلث دية الجاني وظن أن الدية تلزمه بانفراده، فأعطى بها رهنا ثم تبين له أن جميعها لا يلزمه فإنه يحلف أنه ظن أن الدية تلزمه بانفراده، ويرجع فيما زاد على ما يلزمه كواحد من العاقلة وفاعل رجع ضمير الجاني كما قررت، وعليه فلا يكون ما زاد على حصته رهنا. بهذا قرره أحمد. ويحتمل أن يكون ضمير الرهن أي رجع من حصة العاقلة إلى جهته فيكون جميعه رهنا في حصة الجاني كما لبعض الشراح، ومفهوم "ظن" أنه لو رهن في دية الخطإ مع علمه لزومها للعاقلة فإنه يصح. قاله غير واحد. وقال المواق من المدونة: يجوز الرهن في دم الخطإ إن علم الراهن أن الدية على العاقلة، ولو ظن أن ذلك يلزمه وحده لم يجز وله رد الرهن وكذا الكفالة فيه. انتهى. ونحوه للشارح إلى قوله: "وله رد الرهن" وزاد ما نصه: أبو الحسن الصغير: بعد أن يحلف لقد ظن أن ذلك يلزمه.
أو في قرض مع دين قديم عطف على قوله: "في بيع" فهو مما يبطل فيه الرهن، وصورة المسألة أن يكون لشخص دين على شخص برهن أو بغيره من بيع أو قرض ثم يدفع رب الدين قرضا إلى المدين، ويطلب منه أن يرهن له رهنا في دينه القديم والجديد فيفعل، فإن الرهن يبطل بالنسبة إلى الدين القديم لأنه سلف جر نفعا وهو التوثق بالرهن في الدين القديم، ويصح بالنسبة إلى الجديد وهو دين القرض.