وقوله: "إلا جارية تحل للمستقرض" يستثنى منه ما لو قلت لشخص اشتر لي كذا بجاريتك هذه فاشتراه لك بها فإنه يلزمك رد مثلها وهي سلف، وإنما جاز ذلك لأنها لا تصل ليد مستقرضها، قال الإمام الحطاب عند قوله: "إلا جارية تحل للمستقرض": استُثنِي من ذلك مسألة ذكرها ابن يونس في كتاب الوكالات، ونقلها الشيخ أبو الحسن في شرح قوله في المدونة: ولا بأس أن تأمره يبتاع لك عبد فلان بطعامه هذا أو بثوبه هذا وذلك قرض وعليك المثل فيما قال، قال بعض شيوخنا: أو بجاريته هذه ويكون عليك مثلها، ولا يتأتى فيها عارية الفروج لأنها لا تصل ليد المستقرض. قال أبو الحسن: وربما ألقيت فيقال أين يجوز قرض الجارية من غير المحرم منها؟ فيقال في مثل هذه الصورة أو تقضى عنه في الدين، وقوله: "إلا جارية تحل للمستقرض" يفيد أن للمقترض أن يرد الشيء القرض إن شاء، قال المواق: وكل ما يجوز السلم فيه يجوز قرضه، وهذا في مراعاة رد المثل، وأما مراعاة رد العين فتعرض فيه المحاذرة من عارية الفروج؛ إذ من أحكام القرض أن يرد عينه إن شاء أو مثله. انتهى. وقال بناني عن التوضيح: ومن صحح أن جلد الميتة المدبوغ يصح قرضه ولا يصح أن يسلم فيه، فقوله غير صحيح بكل اعتبار. واللَّه أعلم. انتهى.
وقال قبل هذا عن التوضيح ما نصه: والظاهر أن الكلية التي ذكرها المص مطردة منعكسة، فأعطى كلامه أن كل ما يصح أن يسلم فيه إلا الجواري يصح أن يقرض وكل ما يصح أن يقرض، يصح أن يسلم فيه. انتهى. وإنما لم يقل المص للمقترض مع أنه أخصر نظرا لحرمة القرض، وإنما المستقرض طالب القرض كما تقتضيه السين. واللَّه سبحانه أعلم.
وردت إلا أن تفوت يعني أن الشخص إذا اقترض جارية لا يحل له اقتراضها فإنه يجب ردها إن اطلع على ذلك قبل فواتها، وأما إن لم يطلع على ذلك إلا بعد فواتها بمفوت البيع الفاسد، فالواجب فيها القيمة أي يجب على المقترض دفع قيمتها لقرضها، قال عبد الباقي مفسرا للمص: وإن وقع أنه استقرض جارية تحل له ردت وجوبا إلا أن تفوت عنده بمفوت البيع الفاسد بكوطء أو حوالة سوق أو غيبة عليها، وإن لم يحل سوقها خوف أن يكون وطئها. قاله التتائي.