البائع في الجمعة لفسادها فهذا يفيد أنه لا تجوز الجمعة ولو اشترطوا الضمان من المبتاع فإنه لا ينتقل عن البائع. واللَّه سبحانه أعلم.
تنبيه: قد مر أنه يشترط في المسلم فيه أن يكون دينا أي في الذمة فاحتيج إلى بيان معنى الذمة، وعرفها القرافي بقوله: هي معنى شرعي مقدر في الكلف قابل للالتزام واللزوم أي الإلزام. قوله معنى شرعي أي يستفاد من الشرع فهو أمر اعتباري حكم به الشرع وقدر وجوده في المحل، وقوله: قابل لخ الإسناد فيه مجازي أي يقبل المكلف بسببه أن يلزم بأروش الجنايات وأجور الإجارات وأثمان البياعات ونحو ذلك، ويقبل أيضا بسببه الالتزام للأشياء، فإذا التزم شيئا اختيارا من قبل نفسه لزمه. فقوله: واللزوم وهو مصدر ثلاثي لكنه هنا بمعنى مصدر الرباعي كما مر، قال القرافي بعد هذا التعريف: وهذا المعنى جعله الشرع مسببا عن أشياء البلوغ والرشد، فمن بلغ سفيها لا ذمة له وترك الحجر كما في الفلس، فمن اجتمعت له هذه الشروط رتب الشرع عليه هذا المعنى المقدر وهو الذي تقدر فيه الأجناس المسلم فيها مستقرة حتى يصح مقابلتها بالأعواض المقبوضة، وفيه تقدر أثمان المبيعات وصدُقات الأنكحة وسائر الديون، ومن لا يكون هذا المعنى مقدرا في حقه لا ينعقد في حقه سلم ولا ثمن إلى أجل ولا حوالة ولا حمالة ولا شيء من ذلك. انتهى باختصار.
وقال ابن الشاط في حاشية الفروق: الأولى عندي أن يقال إن الذمة قبول الإنسان شرعا للزوم الحقوق دون التزامها، وعلى هذا يكون للصبي ذمة لأنه تلزمه أروش الجنايات وقيم المتلفات، أو يقال [الذمة] (?) قبول الإنسان شرعا للزوم الحقوق والتزامها فعلى هذا يكون للصبي ذمة. انتهى. فقوله في الأول دون التزامها أي دون اشتراط قبول الالتزام: أي فليس هو عنده شرطا. والفرق بينه وبين ما للقرافي أن القبول المذكور على ما للقرافي ناشئ عن الذمة ومسبب عنها، وعلى ما لابن الشاط هو عينها واختار ذلك لعدم ارتضائه ما يقتضيه التعريف الأول من التقادير الشرعية.