وقال بعد جلب نقل: فلم يختلف قول مالك أنه إذا باعه إلى قطافه أن ذلك جائز، ولم يختلف قوله أيضا أنه إذا باعه إلى قطاف نصفه أو ثلثه أنه لا يجوز لأنهما إن أرادا إلى قطاف نصفه أو ثلثه أن لا يتعجل قطاف الناس ولا يتأخر عنه، فالنصف أو الثلث غير مقدر ولا معروف، فربما تنازعا في ذلك وهو لا يعرف إلا بالخرص والتحري، وأجاز أشهب البيع في الوجهين جميعا فهذا تحصيل القول في هذه المسألة. وباللَّه التوفيق. ومراده بالوجهين جميعا ما إذا باعه إلى قطافه أو باعه إلى قطاف نصفه أو ثلثه. انتهى.
إلا أن يقبض ببلد كيومين مستثنى من قوله: "زائد على نصف شهر" يعني أن محل ما مر من قوله: "وأن يوجل بمعلوم زائد على نصف شهر" إنما هو إذا كان على أن يقبض بالبلد الذي وقع فيه البيع؛ وأما إن كان على أن يقبض المسلم فيه ببلد آخر أي غير بلد العقد فإنه لا يشترط نصف شهر بل يكفي أن يكون الأجل ما بين المكانين بشروط خمسة، فإن انخرم واحد منها وجب ضرب الأجل الذي هو نصف شهر. الأولُ: أن يشترط قبضه بمجرد الوصول.
الثاني: أن يكون على مسافة يومين فأكثر.
الثَّالث: أن يشترط في العقد الخروج فورا.
الرابع: أن يعزما على السفر بمجرد الخروج للبر أو للبحر.
الخامس: أن يكون السفر ببر أو بحر بغير ريح.
فأشار إلى الأول بقوله: "إلا أن يقبض" أي يشترط قبضه بمجرد الوصول، وإلى الثاني بقوله: "كيومين"، وإلى الثالث والرابع بقوله: إن خرج حينئذ أي إن خرج عاقد السلم حين العقد بنفسه أو وكيله، وقد كان شرط الخروج على الفور في صلب العقد والخروج يشعر بالعزم، وإلى الخامس بقوله: ببر أو بحر بغير ريح كالمنحدرين يحترز بذلك عما إذا سافر بالريح كالمقلعين فإنه لا يجوز لعدم الانضباط حينئذ، إذ قد يحصل في أقل من يوم فيكون من السلم الحال. قاله الخرشي.
وقال عبد الباقي: واستثنى من قوله: "زائد على نصف شهر" قوله: إلا أن يشترط أن يقبض المسلم فيه ببلد غير بلد العقد على مسافة كيومين أو أكثر ذهابا فقط وإن لم يلفظ بمسافتهما فلا