وفي فساده بالزيادة إن لم تكثر جدا تردد يعني أن الشيوخ اختلفوا فيما إذا تأخر رأس مال السلم أكثر من ثلاثة أيام، فقيل إن السلم يفسد بزيادة التأخير على ثلاثة أيام إن لم تكثر جدا بحيث لم تبلغ حلول المسلم فيه. روي ذلك عن مالك. وقيل إنه لا يفسد السلم بالزيادة على ثلاثة أيام، وروي عن مالك أيضا وبه قال ابن وهب قيل وهو الصواب، وقال ابن عبد السلام: هو الأقرب. قاله الشارح.
وقال بناني عند قول المص "في فساده بالزيادة" لخ: فيه أربعة أمور: أحدها: أن ظاهره سواء كانت الزيادة بشرط أم لا مع أن الخلاف حيث كانت بلا شرط وإلا فسد العقد اتفاقا، الثاني: أن قوله إن لم تكثر جدا الصواب إسقاطه لأن ظاهرة أن الزيادة إذا كثرت جدا لا يختلف في الفساد وليس كذلك، بل الخلاف في الزيادة بلا شرط ولو كثرت جدا، قال مصطفى: فإن ابن الحاجب وابن شأس أطلقا الخلاف في الزيادة، وكذا ابن رشد وابن عرفة وغير واحد بل صرحوا بالخلاف في الزيادة الطويلة وما كان منها للأجل. انتهى. وهو كذلك. فأما الفساد بالزيادة مطلقا فهو ما في المدونة في السلم الثاني من الفساد بالتأخير لشهر كما نقله في التوضيح، وأما مقابله فهو ما في سلمها الثالث من أن التأخير أكثر من ثلاثة أيام من غير شرط يجوز ما لم يحل الأجل فلا يجوز. انتهى. ونقله في التوضيح لكن رجع ابن القاسم إلى الجواز ولو حل الأجل فقد علمت بهذا أن الخلاف مطلق سواء حل الأجل أم لا خلافا لظاهر المص. الثالث: ما في المص من تعبيره بالتردد ليس جاريا على اصطلاحه ولذا قال الحطاب: القولان كلاهما لمالك في المدونة، فأشار بالتردد لتردد سحنون في النقل عنه. انتهى. لكن في قوله أشار لتردد سحنون نظر لأنه من المتقدمين. الرابع: كان من حق المص الاقتصار على القول بالفساد لتصريح ابن بشير بأنه المشهور كما في نقل الحطاب عنه. واللَّه أعلم. انتهى.
وقال عبد الباقي: ثم المعتمد من التردد الفساد بالزيادة ولو قلت بغير شرط. انتهى. وقال المواق: ابن رشد: إن كان رأس المال عينا وتأخر فوق الثلاثة بغير شرط، فعلى ما في المدونة أن السلم يفسد بذلك، قال ابن يونس: قال بعض أصحابنا: إن كان رأس المال عينا فتأخر كثيرا أو إلى الأجل فسد البيع لأنه لا يتعين، فأشبه ما في الذمة فضارع الدين بالدين. انتهى.