باب في السلم، قال القرافي: سمي سلما لتسليم الثمن دون عوضه ولذلك سمي سلفا، ومنه الصحابة سلف صالح لتقدمهم. وحده ابن عرفة بقوله: عقد معاوضة يوجب عمارة ذمة بغير عين ولا منفعة غير متماثل العوضين فقوله: بغير عين أخرج به بياعات الأجل. وقوله: ولا منفعة أخرج به الكراء المضمون، وقوله: غير متماثل العوضين أخرج به السلف وأورد عليه أنه غير مانع لشموله من نكح بعبد مثلا موصوف في الذمة فإنه نكاح لا سلم. قاله بناني. وحكم السلم الجواز لقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}، ولخبر: (من أسلم فليسلم في كيل معلوم أو وزن معلوم إلى أجل معلوم) (?)، (واشترى عليه الصلاة والسلام عبدا بعبدين أسودين)، وباع علي رضي اللَّه عنه جملا بعشرين بعيرا إلى أجل، والإجماع على جوازه في الجملة ومنعه أبو حنيفة في الحيوان واللخمي في الجواري وبعض المتأخرين في الآدمي. المشدَّالي: هو رخصة مستثناة من بيع ما ليس عندك، ولا شك أن السلم بيع من البيوع فيشترط فيه شروط البيع مع شروط أخر خاصة به ولهذا قال:
شرط السلم قبض رأس المال كله يعني أنه يشترط في صحة عقد السلم أن يقبض رأس المال كله أو يكون في حكم المقبوض، وذلك تأخيره ثلاثا يعني أنه يشترط في رأس مال السلم أن يقبض بالفعل، فإن لم يقبض بالفعل فلا يجوز أن يتأخر أكثر من ثلاثة أيام، فيجوز تأخيره ثلاثة أيام، ولو بشرط يعني أنه يجوز تأخير رأس مال السلم ثلاثة أيام، سواء كان ذلك مشترطا في صلب العقد أو متطوعا به بعده، وهذا حيث كان رأس المال عينا، قال عبد الباقي: شرط عقد السلم وهو البيع على أن يتقدم رأس مال ويتأخر ما يدفع فيه سبعة زيادة على شروط البيع، أولها قبض رأس المال كله ورأس الشيء أصله، ولما كان ما يعجل أصلا للمسلم فيه لأنه لولا هو ما حصل سمي ما يُعجَّل رأسَ مال وحينئذ فالمال المضاف إليه رأس هو المسلم فيه. قاله أحمد: أي المراد ذلك بحسب الأصل، وأما الآن فهو علم على المتقدم كالعلم الإضافي. انتهى.