الثالث: إذا تداعى السلعة رجلان فادعى كل أنه اشتراها وأقر البائع أنه باعها من أحدهما بعد الآخر ولا يعلم الأول منهما ويدعي كل واحد منهما أنه اشتراها ولا يَعْلَمُ أن صاحبه اشتراها قبله وقد قبضها أحدهما ولا بينة لواحد منهما على دعواه، فالحكم في ذلك أن تكون السلعة للذي قبضها ويرجع الذي لم يقبضها على البائع بالفضل المذكور بعد يمينه أنه الأول وقيل بغير يمين، وقوله: والحكم في ذلك أن تكون السلعة للذي قبضها يعني إذا حلف على ما ادعاه وإنما سكت عنه لوضوحه. قاله الرهوني ناقلا عن ابن رشد. واللَّه سبحانه أعلم.
ومنه تجاهل الثمن قال عبد الباقي: ومنه أي التحالف والتفاسخ تجاهل الثمن من المتبايعين، بل وإن من وارث بعد موتهما أو موت أحدهما أي ادعى كل منهما جهله فيحلف كل أنه لا يدري قدره ويتفاسخان وترد السلعة أو قيمتها يوم البيع إن فاتت ونكولهما كحلفهما، ولا يقضى للحالف على الناكل فيما يظهر ويبدأ المشتري هنا أو وارثه، ويستثنى هذا من قوله: بدئ البائع وحلف كل على تحقيق دعواه فقط ولا يتصور حلفه على نفي دعوى خصمه لقول كل: لا أدري، وظاهر إطلاقه كغيره أنه لا يحتاج الفسخ لحكم، ومفهوم قوله: "تجاهل" أنه لو ادعى أحدهما علم الثمن وجهله الآخر لكن لم يوافقه على ما ادعاه صدق مدعي علمه فيما يشبه. قاله في الذخيرة. أي بيمينه وفات فإن لم يفت صدق بيمينه وإن لم يشبه، فإن نكل فسخ حلف الآخر أو نكل أشبه أم لا وهو ظاهر، وانظر إذا لم يشبه مع الفوات وحلف فهل هو كحلفه حال قيامها أو كنكوله حاله؟ فإن وافقه الجاهل على ما ادعاه عمل بما اتفقا عليه بلا حلف، أشبه قول مدعي العلم أم لا. انتهى.
وَعُلمَ مما مر أن هذه المسألة تخالف هذا الباب في خمس مسائل: تبدئة المشتري باليمين، وعدم القضاء للحالف على الناكل، وعدم مراعاة الشبه، واستواء القيام والفوات، وعدم حلف كل على نفي دعوى خصمه. الخرشي: والمراد بالثمن العوض فيشمل الثمن والمثمن ويبدأ البائع في التجاهل في الجنس أو النوع، وأما التجاهل في الرهن والحميل والأجل فالأمل عدم ذلك ولا يمين على واحد منهما لأنه لا غرامة فيه، وينبغي أن يعمل بالأكثر في التجاهل في قدر الأجل هل هو شهر أو شهران مع اتفاقهما على أصل الأجل.