الثاني: اعلم أن عبارة المدونة ظاهرة فيما أفاده المص، وقد أول الشيوخ المدونة على ثلاث تأويلات: أحَدُهَا أنه يقوم الجميع يوم البَيْع وهو لابن أبي زمنين كما مر، الثَّانِي: أن التقويم يوم الجائحة فيقال ما قيمة التالف يوم الجائحة وما قيمة السالم يوم الجائحة؟ على أن يقبض، وكذا يقال في الثالث؛ إلا أنه يؤخر تقويم ذلك حتى يوجد. قاله الرهوني محصلا به كلام أبي الحسن. وما قررت به المص من حمله على ظاهره هو الذي قواه الرهوني وارتضاه، وقوى غير واحد التأويل الثالث وهو أنه يقوم كل واحد زمن الجائحة بالتالف زمنها، وكذلك السليم فيقوم يوم الجائحة بعد أخذه.
وفي المزهية التابعة للدار تأويلان يعني أن من اكترى دارا أو أرضا فيها نخلة مزهية وهي تبع للدار أي قيمة ثمرتها قدر ثلث الكراء فأقل، فأجيحت تلك النخلة فذهب ثلث مكيلتها فإنه اختلف هل فيها الجائحة لأنها ثمرة مبتاعة فدخل العقد عليها مفردة فهي كغيرها؟ أو لا جائحة فيها ولو ذهب جميعها لأنها تبع والجائحة إنما تكون في ثمرة مقصودة في البيع في ذلك تأويلان على المدونة، فإن لم تكن مزهية فلا جائحة اتفاقا كانت تابعة أم لا، ويفسد الكراء في الثاني دون الأول إذا اشترط إدخالها فيه وضمانها من بائعها. وقوله: "التابعة" مفهومه فيها الجائحة اتفاقا ولا مفهوم للدار. قاله الخرشي. وقال عبد الباقي: وفي اعتبار الجائحة الحاصلة في الثمرة المزهية في النخل أو التي طابت في غيره التابعة للدار المكتراة، فإن اشترط الثمرة بعقد الكراء وكانت قيمتها ثلث الأجرة فدون فتوضع نظرا لأنها ثمرة مبتاعة كغيرها وعدم اعتبارها فلا توضع نظرا لتبعيتها وإن لم تدخل إلا بشرط، وَالجائحةُ إنما هي في ثمرة مقصودة بالبيع تأويلان وغير الدار كالفندق حكم الدار، ومفهوم المزهية أن غير المزهية التابعة إذا اشترطها لا يكون حكمها كذلك وهو صحيح إذ لا جائحة فيها بلا نزاع، وإنما يجوز اشتراطها أي غير المزهية التابعة بأربعة شروط: أن تكون تبعا للسكنى في القيمة بأن تكون الثلث فدون وأن يشترط جملتها وأن يكون طيبها قبل انقضاء مدة الكراء وأن يكون قصده باشتراطها دفع الضرر بالتصرف إليها، فإن اختل شرط لم يجز اشتراطها، ومفهوم التابعة أن المشترطة بالكراء مزهية غير تابعة فيها الجائحة بلا نزاع فإنها كعقد مستقل، وأما غير المزهية وغير التابعة فاشتراط المكري لها يفسد