منه فلم يبق إلا مقدار تلك الأوسق فلا قيام للمعري بالجائحة اتفاقا، فالمسألة ثلاث صور: طَرَفَانِ وواسطة.
لا مهر يعني أنه لو أصدق زوجته ثمرا على رءوس النخل قد بدا صلاحها فأصابتها جائحة تبلغ الثلث فأكثر، فإنه ليس للزوجة قيام بتلك الجائحة على الزوج، لأن النكاح مبني على المكارمة وهو قول ابن القاسم وليس بيعا محضا، قال الخرشي وعلى هذا لا جائحة في الثمار المخالع بها من باب أولى، لأن المعاوضة في الخلع أضعف من المعاوضة في الصداق، بدليل أنه يجوز فيه الغرر، وأما على أن في المهر جائحة وشُهِّرَ فالظاهر أنه لا جائحة في الخلع. انتهى. وعبارة ابن الحاجب تفيد ترجيح قول ابن القاسم وبه صدر الباجي واللخمي وأقامه ابن ناجي من المدونة، لكن ابن يونس واللخمي وإن شاركا غيرهما في التصدير بقول ابن القاسم اختارا قول ابن الماجشون القائل بأن في المهر الجائحة.
وَالْحَاصِلُ أن ما مشى عليه المص رجح ومقابله لابن الماجشون وقد رجح أيضا واللَّه سبحانه أعلم. وقال عبد الباقي: وأما لو كان المهر غير ثمر ثم عوضت فيه ثمرا ففيه الجائحة بلا نزاع ولا جائحة في الخلع ولو على القول بثبوتها في المهر.
وقوله: "وتوضع جائحة الثمار" بشروط ثلاثة أشار إلى الأول منها بقوله: إن بلغت ثلث المكيلة يعني أن الجائحة إنما توضع بشرط أن يجاح من النبات الثلث فأكثر مكيلا كان أو موزونا أو معدودا كالبطيخ، فلو قال: إن بلغ ثلث كيل المجاح أو وزنه أو عدده لكان أشمل. ولو من كصيحاني وبرني يعني أنه إذا كان المبيع صنفان من نوع واحد كتمر مثلا منه ما هو صيحاني ومنه ما هو برني فوقعت الجائحة في أحدهما وكانت الجائحة ثلث مجموعهما، فإن تلك الجائحة توضع عن المشتري ولا ينظر لثلث مكيلة المجاح وحده.
وَاعلَم أنه لا خلاف في المذهب أن الجنس الواحد يعتبر جميعه، لكن ابن القاسم يعتبر ثلث المكيلة وأشهب ثلث القيمة، وعليه رد المص بلو، قال المتيطى: قال الباجي في المنتقى: وإن كان المبيع جنسا واحدا وأنواعه مختلفة فأصيب نوع منها فلا خلاف بين أصحابنا أن الاعتبار بثلث جميع المبيع، وهل يعتبر ثلث قيمته أو ثلث الثمرة؟ فروى ابن المواز عن مالك وابن القاسم وعبد