ويفهم من قول أبي الحسن ومن قوله في المدونة: كالعرية أن الشروط المذكورة في العرية معتبرة، وأنه لو كان له نخلتان أو ثلاثة جاز شراء ثمرها. انتهى. وعلم من كلامهم أنه لا يجوز شراء أكثر من خمسة أوسق. وفي الحطاب: يجوز شراء ثمرها إذا لم تبلغ خمسة أوسق، وقوله في المدونة: فلا يعجبني هذه لفظة كراهة والمراد بها المنع لقوله: وأراه من بيع التمر بالرطب. قاله أبو الحسن.
وبطلت إن مات قبل الحوز يعني أن العرية تبطل إذا مات العري قبل حوز المعرى بالفتح لأنها عطية كسائر العطايا ولا خلاف في هذا في المذهب. قاله الشارح. وقال الخرشي: أي وبطلت العرية إن مات معريها أو حدث له مانع من إحاطة دين أو جنون أو مرض متصلين بموته قبل الحوز لها عن معريها ونحوه لعبد الباقي، واختلف الشيوخ في المراد بالحوز هل هو حوز الأصل بأن يحوزها المعرى بالفتح في حياة المعري وإن لم تطلع فيها الثمرة وهو قول أبي مروان بن مالك، قال: وهو ظاهر ما في كتاب الهبة والصدقة، (أو) لا يكفي حوز الأصول ولا بد معه من أن يطلع ثمرها أي يظهر ثمرها وإن لم يوضع فيه التأبير وهو بفتح الياء وضم اللام، أو بضم الياء وكسر اللام مخففة وأصل هذا لابن حبيب، وعليه تأول ابن القطان المدونة فإنه قال: قول ابن حبيب تفسير لما في المدونة في العرية والهبة والصدقة، وقال أبو مروان بن مالك: ما قاله ابن حبيب خلاف ما في المدونة من أنها تصح للمعرى والموهوبة له بقبض الأصل في حياة المعري وإن لم يطلع فيها الثمرة، وقال أشهب: الحوز بأحد أمرين إما بحوز الأصل وإما بالتأبير.
وَالْحَاصِلُ أن المسألة فيها ثلاثة أقوال: حَوْزُ الأصل كَافٍ. قاله اللخمي. غير معزو كأنه المذهب. الثَّانِي لابن حبيب: حَوْزُ الأصل مع ظهور الثمر وإن لم يؤبر. الثَّالِثُ لأشهب: يكفي أحد أمرين إما حوز الأصل وإما التأبير. وقال ابن عرفة في كونها بحوز أصلها أو به مع ظهور الثمرة: ثالثها بالأول أو بمجرد إبارها للخمي غير معزو كأنه المذهب مع الصقلي عنها وله مع الأندلسيين عن ابن حبيب وله مع الصقلي عن أشهب. انتهى. وقوله: تأويلان مبتدأ حذف خبره أي في ذلك تأويلان؛ قال عبد الباقي عند قوله: "تأويلان": ويجري مثل هذا في هبة الثمرة وصدقتها وتحبيسها ورهنها إذ رهن ما لم يبد صلاحه صحيح وإن لم يتخلق.